جامع الجزائر الأعظم

تنقسم مواقف المسؤولين الجزائريين في قطاع الشؤون الدينية حالياً، حول فتح «جامع الجزائر الأعظم» لصلاة التراويح في شهر رمضان المقبل، بسبب استمرار انتشار وباء «كورونا».ويسعى السكان المجاورون للصرح الديني الكبير، الذي يتسع لـ140 ألف مصلٍ، لدى وزارة الشؤون الدينية، لإقناعها بالسماح بالصلاة فيه في شهر رمضان، مع التعهد بالتقيُّد بإجراءات الوقاية المفروضة من طرف الحكومة.

وعُلقت صلاة الجمعة في «الجامع الأعظم» في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أقل من شهر على افتتاحه رسمياً. وقال مسؤول حكومي، رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات «تميل إلى فتح المسجد لأداء صلاة التراويح، استجابة لطلب بهذا الخصوص من عدد كبير من المواطنين، وصل إلى وزارة الشؤون الدينية. لكن هناك بعض التردد، ومرده الظروف الصحية التي تمرُ بها البلاد».ورغم أن الوباء في انحسار لافت منذ أسابيع، فإن السلطات تخشى من إصابات كثيرة في حال وقوع احتكاك بين الآلاف عندما يفدون إلى «الجامع الأعظم».

ويُسمح في الوقت الحالي بالصلوات الخمس في «الجامع الأعظم»، باستثناء صلاة الجمعة، مع فرض إجراءات صارمة على المصلين الذين يأتونه من كل الأحياء، وحتى من خارج العاصمة، لإمتاع النظر بهذه التحفة الفنية الرائعة.ويقول محمد شيخي، الذي يسكن بالقرب من المسجد: «منذ سنين طويلة ونحن نترقّب أن نصلي التراويح في مسجدنا. أتمنى ألا تخيِّبنا الحكومة في رمضان. سيكون شيئاً رائعاً إن تم ذلك».

ويتردد يومياً إلى قاعة الصلاة الفسيحة، المئات من المصلين. فهي تتسع لـ40 ألف مصلٍ. وفي حال فتحت إدارة المسجد الساحات الخارجية، فيمكن للصرح أن يستوعب 120 ألف مصلٍّ. وتقول مصادر تابعت إنجاز المسجد إن الرهان أساساً كان بناء جامع أكبر من مسجد الدار البيضاء في المغرب، المطل على البحر وأكثر ما يلفت الانتباه في قاعة الصلاة؛ الثريا، التي يقول عنها وزراء الشؤون الدينية الذين تعاقبوا خلال فترة بناء المسجد، إنها الأكبر في العالم؛ إذ يبلغ وزنها 9 أطنان وقطرها 13 متراً. وما يميز السجاد أنه صناعة جزائرية. وفي وسط المسجد 16 لوحة فنية، كل واحدة منها تمثل ولاية من الولايات الأكثر شهرة بصناعة السجاد. وكان قد ثار جدل كبير حول «رداءة سجاد إيراني» أهدته الحكومة الإيرانية للجزائر لفرشه في المسجد. وكتبت الصحافة الجزائرية عن هذا الأمر، لكن الحكومة نفت ذلك بشدة، وأكدت أن كل سجادات الجامع من صناعة جزائرية خالصة، وهي باللون الأزرق الفيروزي مع رسوم زهرية، وفق طابع تقليدي جزائري.

وأُلحق بالجامع 12 مبنىً؛ فيها مكتبة تضم مليون كتاب، وقاعة محاضرات، ومتحف للفن والتاريخ الإسلامي، إضافة إلى مركز للبحث في تاريخ الجزائر. ويشرف على أداء الصلوات فيه 5 أئمة و5 مؤذنين. وزُيِّن الجزء الداخلي للجامع، وفق الطابع الأندلسي، بلوحات من الخط العربي على الرخام والمرمر والخشب وزوِّد المسجد بأعمدة مجوفة، جُهٍّزت خصيصاً لتجميع مياه الأمطار بغرض تصفيتها وإعادة استخدامها في المساحات الخضراء. والهدف منها تحقيق اكتفاءٍ ذاتي للجامع بالمياه، بما في ذلك مجموعة الإقامات المخصصة للضيوف الأجانب الذين يزورونه.

ويضم المسجد أكثر من 3 هكتارات من المساحات الخضراء، مقسمة إلى 16 حديقة صغيرة، زرعت فيها أشجار ذُكرت في القرآن الكريم، وتعدّ متعة للناظر.أما المئذنة الشاهقة، التي تراها العين من بُعد كيلومترات، فهي بارتفاع 256 متراً، وتُعد أعلى مئذنة في العالم، وتتألف من 43 طابقاً، جرى تقسيمها إلى 5 أقسام، وفيها متحف يحكي تاريخ الجزائر. وفي أعلى المئذنة، مطل بانورامي على الجزائر العاصمة.

واستغرق بناء الصرح أكثر من 7 سنوات، بتكلفة بلغت أكثر من 900 مليون دولار، وهو مبلغ أكبر بكثير مما كان متوقعاً. وقد انقسمت الآراء حول جدوى بناء الجامع؛ إذ تعالت أصوات داعية إلى «التوجه نحو الأولويات»؛ ومنها بناء مستشفيات ومصحات يذكر أن المنطقة التي بُني عليها «جامع الجزائر الأعظم»، كانت تسمى في وقت الاستعمار باسم «لافيجري»؛ أبرز القساوسة المُبشِّرين في القرن التاسع عشر في شمال أفريقيا. وبعد الاستقلال عام 1962، غيرت الحكومة الجزائرية الناشئة اسم الحي، فأصبح «المحمدية»؛ على اسم النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).

قد يهمك ايضا:

لا صلاة جمعة في جامع الجزائر الأعظم بعد 13 نوفمبر بسبب وباء كورونا
"بقاط بركاني للشروق" لم أدع لإلغاء صلاة التراويح