الأوراق النقدية

يحاول شعب فنزويلا التخلص من المبالغ النقدية قبل شطب ستة أصفار من العملة المحلية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
وسيحل محل ذلك إصدار جديد من الأوراق النقدية بسبب التضخم المفرط في البلاد التي تشهد أزمة مع ارتباط الاقتصاد بأكمله تقريبا بالدولار في الأشهر الأخيرة.
وما زالت الغالبية في فنزويلا تفضل شراء الطعام بدلا من إيداع الأوراق النقدية في البنك.
وتسبب انخفاض أسعار النفط وسوء إدارة الحكومة في ركود حاد جعل سعر فنجان قهوة الآن يعادل ثمن شراء منزل قبل 15 عاما.
وفي عام 2018 كان شراء دجاجة يبلغ وزنها 2.4 كجم في فنزويلا يتطلب 14600000 بوليفار (ما يعادل 2.22 دولاراً فقط)، أما الآن سعر الدجاجة نفسها يتخطى 474 مليار بوليفار.
وفي كشكها لبيع الخضراوات في كراكاس، تتساءل ماريسيلا لوبيز بيأس عما ستتمكن من فعله بأوراقها النقدية القديمة من البوليفار التي ستختفي قريبا ويستخدمها الزبائن بكثرة ليدفعوا ثمن مشترياتهم.
وقالت البائعة التي تبلغ 34 عاما "علينا جميعا التخلص من النقود بسرعة لأننا لا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك وما الذي سنفعله بهذه العملة"، معبرة بذلك عن قلقها بشأن سعر الصرف المقبل.
وبلغت نسبة التضخم 400 ألف بالمئة في 2018 ونحو عشرة آلاف بالمئة في 2019 وثلاثة آلاف بالمئة في 2020 مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتراجع لمصلحة الدولار الأميركي الذي يلقى رواجا لدى السكان والشركات في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة.
لكن المبالغ الضخمة للأوراق النقدية لا تسمح بشراء سوى كمية قليلة من الخضار أو قطعة لحم صغيرة.
وآخر مرة أصدر فيها البنك المركزي أوراقا ورقية جديدة في مارس/آذار كانت قيمتها الاسمية 200 ألف و500 ألف ومليون بوليفار.
لكن هذه الأوراق النقدية الثلاث بقيمة إجمالية تبلغ 1,7 مليون بوليفار لا تساوي سوى حوالى 60 سنتا (0,51 يورو) بالسعر الرسمي. واليوم لا تساوي أكثر من 42 سنتا (0,36 يورو).
ومنذ انتشار شائعة حول هذا التغيير المقبل في العملة المتداولة قبل أسبوعين "بدأ البوليفار الذي اختفى لفترة، الظهور من جديد" حسبما أكدت لوكالة فرانس برس بائعة اللحوم كارمن راميريز (48 عاما).
وقالت باستغراب "لم نعد نستخدم البوليفار هنا بل عملات أجنبية فقط".
وتأمل في أن "تحقق الحكومة هدفها هذه المرة وألا يكون هناك مزيد من الانخفاض في قيمة العملة يقودنا إلى الهاوية".
مع انخفاض قيمة البوليفار تعرض متاجر ومحلات سوبر ماركت عديدة الأسعار بالدولار وتقبل أنظمة دفع إلكترونية من حسابات مصرفية في الخارج.
وأوضحت ماريسيلا لوبيز أنها دفعت نصف ثمن خضرواتها بالعملة الأجنبية والنصف الآخر عن طريق بطاقة تُستخدم كثيرا في إجراء تحويلات مصرفية.
وقالت آسفة "في الشوارع نجد أوراقا نقدية على الأرض ونرمي أوراقا نقدية ونحرق أوراقا نقدية ولم نعد نحترمها بعد الآن، وأحيانًا أقول +إنها لا تساوي شيئا+".
وتسيطر الحكومة بشكل صارم على صرف العملات الأجنبية ما أدى إلى نشوء سوق سوداء موازية. ويعتمد الفنزويليون على سعر الدولار في السوق الموازية لاحتساب سعر الصرف الحقيقي.
ومع الإعلان عن التغيير النقدي، ارتفع سعر الدولار مجددا.
يدفع فشل التدابير السابقة لمكافحة التضخم المفرط - تم حذف ثلاثة أصفار في 2008 وخمسة أخرى في 2018 - العديد من الفنزويليين إلى التشكيك في جدوى شطب ستة أصفار.
وقال أرماندو أوليفييه (70 عاما) بائع الملابس "شطبوا الكثير من الأصفار (14 في 13 عاما) من البوليفار ولم يتحسن شيء".
وأضاف "عندما بدأوا بشطب الأصفار اعتقدنا أن قيمة العملة سترتفع وأنه قد يصبح بوليفارا قويا، لكن هذا كان سخيفًا لأنه لا يتطابق مع الواقع".
ولم يسمع بيدرو سالسيدو حارس الأمن البالغ 70 عاما عن التغيير من قبل.
وقال إن "هذا لن يحل مشكلة التضخم" مرددا تحذيرات أطلقها اقتصاديون أشاروا إلى غياب خطة اقتصادية لمواكبة الإجراء النقدي.
وأضاف الرجل الذي كان يحمل كيسا نصف فارغ "اليوم لم أتمكن من شراء كل ما أحتاج إليه. أتيت لشراء الدجاج والسمك وكل ما حصلت عليه هو الدجاج. لم يكن لدي مال يكفي".
يحدث ذلك لأن فنزويلا وضعت أغلب بيضها في سلة واحدة وهو النفط الأمر الذي يعني أنه إذا تراجع سعر النفط تراجعت قدرة البلاد على الاستيراد حيث تقل لديها العملة الأجنبية وبالتالي ترتفع الأسعار ويزيد التضخم.
أضف إلى ذلك رغبة الحكومة في طباعة المزيد من أوراق النقد ورفعها الحد الأدنى للأجور بدرجة كبيرة في محاولة لكسب الشعبية لدى الفقراء وبالتالي تتوفر لديهم الأموال التي ليس لها قيمة.
ومع تراجع المستثمرين عن الدفع بأموالهم إلى فنزويلا اتجهت الحكومة إلى المزيد من طبع أوراق العملة مما أدى إلى تراجع قيمتها أكثر ومزيد من التضخم.

قد يهمك ايضاً

توقعات بارتفاع "معتبر" في سعر النفط في غضون أشهر

أسعار النفط تواصل الصعود مع تراجع المخزون الأمريكي