مرضى السرطان

رغم اعتباره مرض العصر وانتشاره بين مختلف الشرائح والفئات، إلا أن المصاب بالسرطان لا يزال حملا ثقيلا على مجتمع مهووس يعمل على تعميق معاناة المريض وإجهاده نفسيا بصموده المستمر أمام نظرات الشفقة والتهرب منه كأنه يحمل عارا وليس مرضا لا أحد منا في منأى من احتمال الإصابة.

المتواجد في مصلحة علاج مرضى السرطان وتحديدا في غرفة الانتظار الخاصة بالمريضات، يقف على حقيقة مجتمع يتأنى تحت وطأة داء أخطر من السرطان، نخره ببطء حتى جرده من إنسانيته وجعله جلادا لا يعرف سوى تضييق الخناق على الضعفاء وإن كانوا مرضى.

الجحود والتهميش يعرقلان علاج السرطان

تفكيرهن مشتت، تركيزهن في غير محله، اهتمامهن ليس بصحتهن ولا وضعهن، همهن الكبير ألا يتخلى عنهن الأقارب والأزواج، وألا يتحولن إلى عالة على من أفنين العمر في خدمتهم ورعايتهم، وضعيتهن النفسية كثيرا ما عملت على تأزيم حالتهن الصحية، يحاولن جاهدات إخفاء آثار العلاج الكيميائي على ملامحهن، حتى لا يعزلهن المجتمع أو يتحوّل بنظرة شفقته بعيدا عنهن، قليلات تلك اللواتي يجدن دعما نفسيا ومعنويا في رحلة محاربتهن للمرض، فأغلب الأزواج يلقون يمين الطلاق على زوجاتهم في مكاتب الأطباء فور الإعلان عن تشخيص المرض، خصوصا إذا قضى الطبيب بضرورة استئصال الثدي، “نوع المرض الأكثر انتشارا وسط النسوة”.

معاناة الكثيرات وإن عجز اللسان عن وصفها، تفي العيون بالغرض لتروي قصة ألم وأمل يصارع من أجل الاستمرار وتحدي المرض والمجتمع معا.

قصص ألم وأمل بين مريضات السرطان

وقفت على معاناة بعض النسوة في مصلحة مكافحة السرطان بمستشفى “فرانس فانون” بالبليدة، أمهات، عازبات، مسنات، شابات، مصابات في مختلف الفئات العمرية وشرائح المجتمع، موظفات في أسلاك وقطاعات مختلفة، ماكثات بالبيوت، متعلمات وأميات، جمعهن المرض تحت سقف هذه المصلحة، لكل منهن قصة خاصة ومختلفة عن المرض، لكل منهن طريقتها في التعامل معه ومع المحيط، حولهن المرض إلى مختصات في التغذية الصحية، إلى مرشدات وأخصائيات نفسيات، تجد النزيلة الجديدة بينهن نفسها محاطة بالدفء، أجواء لحمة ودفء تصنعها المريضات في عالمهن الخاص بعيدا عن قسوة الأهل والمجتمع، قوة تتسلل بين أنفاس متقطعة لأجساد أنهكها الكيماوي ونفوس أتعبها المجتمع المختل.

قد يهمك ايضا :

منظمة حقوقية توثّق 171 حالة اغتيال واختطاف لصحافيين خلال الاحتجاجات العراقية

تناقض التصريحات بين عادل عبدالمهدي ومايك بومبيو بشأن قصف السفارة في بغداد