سليمان أصفهاني
أجل هو عالم بحد ذاته ملون بمئات الانجازات التي ساهمت في إيصال الأغنية العربية إلى الانتشار الكبير في ظل هيمنة لطيفة فرضتها معادلة الصوت والصورة وسط دوامة العصر والتطورات والمستجدات والنهوض التقني والتكنولوجي والانفتاح الإعلامي العربي بعد سنوات من الطموحات الضيقة التي توسعت آفاقها دفعة واحدة وصولًا إلى صيغة لفتت الانتباه إليها وباتت قاعدة ثابتة وراسخة ولها أبعادها وجمهورها وصناعها.
الحكاية في لبنان بدأت قبل سنوات حين أصبح الفيديوكليب ضرورة يلجأ إليها معظم أهل الفن من اجل الترويج لأعمالهم الغنائية وطرحت في تلك الفترة أسماء عديدة تعود إلى مخرجين عملوا بما هو متوفر ومتاح مثل رجا زهر الذي جذب إليه كبار النجوم بعد أن ادخل النمط السينمائي إلى عالم الأغنية المصورة وحمل خبرته من أميركا إلى بيروت وأضاف نكهة جديدة إلى سلسلة من الأعمال التي لاقت قبول الناس ومن ثم أتى أسامة حريق وصبحي أبوحبيب وأكرم قاووق وكانت انجازاتهم كثيفة لكن محدودة تقنيا ومكررة في بعض الحالات ثم أتى طوني أبوالياس بصورة جديدة قريبة من التطور في وقت كانت فيه الأمور تتجه نحو الانفتاح وبوتيرة متسارعة بعدها دخلت زوجته ميرنا خياط أبو الياس على خط الأفكار والابتكارات الحديثة وأخذت عجلة الفيديو كليب تتجه نحو المزيد من التقدم والتجدد وأخذت تنافس المحاولات التي حصلت في بعض الدول العربية .
عالم الفيديو كليب في لبنان بدأ متأرجحًا بين النوعية والكمية المستهلكة حتى أتى المخرج سعيد الماروق وكانت انتفاضة من نوع خاص في مجال كان بحاجة إلى التغيير ضمن قالب عالمي لكنه يحمل في نفس الوقت البصمة العربية وكرت سبحة الأعمال التي عصفت بكل الأجواء وأحدثت تغييرًا جذريًا في الصورة وكأن ثمة عصرًا جديدًا حل في الأفق وأخذ شعاعه يخيم على صورة أضيفت إليها لمسة نابضة بالخيال والحياة وبعدها أطلت مجموعة من المخرجين على الواقع الفني اللبناني وكانت نادين لبكي بأسلوبها المرن وعادل سرحان بطموحه وحيويته غير المحدودة ورندا علم بشفافيتها ورندلى قديح بجرأتها وبصمتها التي باتت تعبر عنها بشكل خاص ومميز وأيضا جاد شويري بشغبه ووليد ناصيف بانقلابه المستمر على الروتين وانجي جمال بعصريتها وجنونها في بعض اللقطات .
هكذا هو الحال بكل ما فيه من حيوية وتفوق حتى انطلقت موهبة رسمت لنفسها طريقا وخصصت مكانا لها تحت الضوء اتسمت بالعفوية وسرعة التنفيذ والقدرة على ابتكار الأفكار بصورة متواصلة إضافة إلى العمل على تطوير الذات والتحرك باستمرار ولو على حساب الراحة الشخصية وقد تمثلت بالمخرج فادي حداد الذي غرد في سربه الخاص واندفع مع مئات الأغنيات المصورة على طريقة الفيديو كليب نحو حالة خاصة متناغمة مع أحلامه وطموحاته وسعيه إلى الأفضل .
عالم الفيديو كليب اللبناني مدرسة وبل جامعة لها حضورها في الأوساط الفنية العربية ورغم غياب الإنتاج العربي على أهل الفن بقيت صفوف ذلك المجال مليئة بالراغبين بالصورة الجميلة والمتناسقة والرائدة في مجال بحاجة إلى الفكر الجديد أمام حكم خطير وصارم هو الجمهور الذي لا يرحم من يرتكب وغلطة عابرة وفي ظل تهافت الفنانين العرب على الأسلوب اللبناني الذي وفر لهم الواجهة المميزة والقريبة من ملامح ما يجري في الغرب.