«كورونا» والحداثة
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

«كورونا» والحداثة

«كورونا» والحداثة

 الجزائر اليوم -

«كورونا» والحداثة

د. آمال موسى
د. آمال موسى

أقترح عليكم بكل حذر ونسبية طبعاً محاولة التفكير في وباء الكورونا من خارج مقاربة الموت والتكلفة الاقتصاديّة الباهظة أو المقاربة النفسية من ناحية ما تثيره من مخاوف وهلع يصلان إلى حد الفوبيا.

ما رأيكم أن نفكر في «كورونا» كظاهرة طبيعية (بمعنى الطبيعة) من منظور التفكير السوسيولوجي تحديداً وذلك باعتبار أن السوسيولوجيا هي موروث الحداثة كما عرّفها عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر.
لا شك في أن المقام التواصلي العام لا يسمح بالحفر عميقاً ولكن بالإمكان في مساحتنا هذه أن نطلق فكرة مقاربة «كورونا» سوسيولوجياً وبشكل أكثر دقة محاولة رصد رسائل «كورونا» للحداثة ومنجزها الاجتماعي.
طبعاً المجتمع ليس ظاهرة حداثية وليس منجزاً من منجزات الحداثة ولكن المجتمع الحديث الذي يمثل نتاج ما عرفه المجتمع التقليدي المؤسساتي الكلياني من حداثة في شقيها المادي والفكريّ مع الثورتين الصناعية والفرنسية قد تزعزعت دعائمه ولم يعد ذاك المجتمع الذي تهيمن فيه المؤسسات على حساب الفرد. وهو ما يعني أن منجزات الحداثة المادية والمعنوية أعادت صياغة علاقة المؤسسات الاجتماعية بالفرد. بل إنّه مع الحداثة طوينا مفهوم الفرد بوصفه عوناً اجتماعياً وبدأنا زمناً سوسيولوجياً جديداً شق فيه الفرد طريقه باعتباره فاعلاً اجتماعياً.
حملت هذه التغييرات الاجتماعية في بداياتها عناوين فرح وانتصار للإنسان وردت له الاعتبار أمام حتمية المؤسسات الاجتماعية وهيمنتها على مواقفه وأفكاره وسلوكه. ولم يعد علم الاجتماع فقط علم المؤسسات كما عرفه إميل دوركايم وإنّما أصبح أيضاً منشغلاً بالمعاني الذاتية التي يمنحها الأفراد لسلوكهم. بمعنى آخر تدرجنا بفكرة المجتمع من الوضعية إلى التفهمية التي تحاول فهم سلوك الفرد وتفسيره سببياً من جهة كونه عقلانياً وموجهاً بأهداف تحكمه.
فرضيتي القابلة لكثير من النقاش هي أن «كورونا» كفيروس يشترط لمحاصرته العزل والحجر الصحي وبما يعنيه تكاثره في التجمعات والحشود من انتشار له وحصد للأرواح قد ظهرت - أي «كورونا» - لتقول إن الاجتماع الإنساني قد فشل عندما تحول إلى قرية صغيرة بفضل منجزات الحداثة في تحقيق القرب الحقيقي وتمكين الإنسانية من السعادة وتغليب الخير على الشر. ذلك أن منجز الحداثة كان وراء انتشار المجال الحضري وتكاثر المدن ووسائل النقل التي قربت المسافات وأعادت ضبط الزمن والجغرافيا.
كل ما هو مشترك من وسائل نقل وفضاءات عامة مثل المقاهي والمطاعم والعروض الثقافية والمقابلات الرياضية... كل هذا أصبح مصدر خطر وإصابة بفيروس «كورونا». ومن ثم كأن «كورونا» يريد إلغاء وظيفة بعض منجزات الحداثة ويترك فقط ما يتماشى وفكرة العزلة والانعزال القسري من خلال الحجر الصحي وإجراء حظر الجولان. وهذا بدوره يقودنا إلى هدم فكرة حرية الفرد التي قام عليها جوهر الحداثة. ممارسة الفرد لحريته في ظل فيروس «كورونا» تعني تعرض حياته للخطر. وعند هذا التفصيل بالذات تصاغ بنود التعاقد الاجتماعي بنفس القاعدة التي وضعها جون جاك روسو أي التنازل عن الحرية الطبيعية المطلقة مقابل الأمن والاندماج وتحقيق التوازن ولكن في هذه المرّة لضمان الحياة وعدم الموت.
وهكذا يكون مجتمع الحداثة قد عاد إلى ما قبل الحداثة حيث كانت الطبيعة قاهرة للإنسان وهذا الأخير يطارده خوفه من الطبيعة الذي قاده إلى ابتكار أشكال أولية للاعتقاد يستمد منها القوة قبل ظهور الأديان التوحيدية.
مجتمعات الحداثة بطابعها المركب التعقيدي قطعت الصلة اليوم مع الدين اجتماعياً وظلت مجتمعات أخرى لم تنصهر بالكامل في منظومة الحداثة تتدثر بالدين الذي يمثل طريقتها الرمزية في الوجود الثقافي الكوني الرّاهن. غير أن العلاقة بالدين في مظاهرها المختلفة ظلت بين النفي والسطحي والتوظيف فكان حال غالبية الناس بين الاغتراب عن الدين وبين الاغتراب عنه. وفي مقابل ارتباك علاقة مجتمعات اليوم بمفهوم الدين لم تتوقف العقلنة عن التنامي والتجذر في إنسان المجتمع الحديث ومعها تزايدت هيمنة المادي وتوتره مع الرمزي والتشابك دون حسم قيمي واضح.
وهنا أيضاً كأن بفيروس «كورونا» يذكر الإنسان بضعفه وأن كل نجاحاته العلمية وصعوده للقمر والاكتشافات العلميّة الباهرة ومسار عقلنته للعالم مشكوك في وجاهتها وأن العقل البشري تغيب عنه أشياء وتقلب له أحواله فيروسات قبل أن يجد اللقاح لها تجعله يدرك محدوديته أولاً وأن طحالب غير معلنة يمكن أن تظهر وتتحكم في الفرد والمجتمع.
كذلك فإن هذا الفيروس المخيف في هذه اللحظة من تاريخ المجتمع الحداثي تكشف عن امتحان عسير يواجهه الإنساني حيث إن لسان حال «كورونا» يقول: حروب الإنسان ضد الإنسان والتشريد والتوترات والاستعمار في مظاهره المقنعة الجديدة ليست أكثر بطشاً مني. بل إن التسابق نحو التسلح واستخدام مواد مدمرة للأرض والإنسانية وناشرة للأمراض المزمنة قد أربك الطبيعة فأربكت بدورها من أربكها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كورونا» والحداثة «كورونا» والحداثة



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 01:56 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

دراسة توضّح أن الطيور الحالية من سلالة الديناصورات الطائرة

GMT 07:06 2015 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحويل برج إيفل إلى غابة خضراء لمكافحة إزالة الغابات

GMT 18:32 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

"قفّازات ذكية" تحوِّل لغة الإشارة إلى نصٍ صوتي بعدة لغات

GMT 09:29 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

إطلاق مجموعة جديدة ومميزة من حقائب" LONGCHAMP"

GMT 22:44 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اهتمامات الصحف الفلسطينية الصادره الثلاثاء

GMT 09:59 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تعرف علي حقيقة الخلاف بين كيت ميدلتون وميغان ماركل

GMT 13:47 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أنغام تشارك في تغسيل شقيقتها غنوة وتنهار من البكاء

GMT 10:27 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُوضِّح مدى قبول كلّ برج للاعتذار
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria