المصالحة مع الأرض
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

المصالحة مع الأرض

المصالحة مع الأرض

 الجزائر اليوم -

المصالحة مع الأرض

د. آمال موسى
د. آمال موسى

صحيح أن الصيد هو مهنة الإنسان الأولى، ولكن الزراعة مثلت حدثاً قوياً في تاريخ الإنسانية، إذ معها بدأ الإنسان في كتابة فكرة الاستقرار في مكان بعينه وتغيير نمط التنقل والترحال ومشقة العيش على الصيد ومغامراته. انطلق الإنسان في مصادقة الأرض ورسم لوحة لا تنتهي أبداً عندما أحاط مسكنه الأول بالزرع والماشية.

وعلى امتداد العصور القديمة والوسطى والحديثة كانت الزراعة ركناً أساسياً من أركان معاش المجتمعات، حتى ولو كان توزع الأراضي الصالحة للزراعة يختلف من بلد إلى آخر. غير أنّه مع تقدم الصناعة وانتشار المصانع والمعامل وهيمنة المناطق الحضرية على الريف، حصل نوع من العزوف عن العمل الزراعي، ومال الشباب نحو الأعمال المنتمية لقطاعات مثل الصناعة والتجارة والسياحة، وتراجع الشغف بالأرض والفلاحة وامتلاك الأراضي وانتظار المحصول، وتراجع مع ذلك الشغف رأسمال قيمي وثقافي برائحة التراب والأيادي الفرحة بالحصاد والمجبولة على جمع الثمار. فالعلاقة بالأرض عن طريق الزراعة تمثل أيضاً طريقة في الشعور والتفكير ونظرة كاملة للحياة بكل تفاصيلها الحميمة والخاصة والجماعيّة.
الآن في هذه اللحظة العصيبة التي يعرفها العالم حيث لا هاجس غير الغذاء، وحيث أجبرنا الحجْر الصحي على ملازمة البيت ولا خروج منه إلا بسبب يتصل بالغذاء، فإننا نجد أنفسنا أمام حقيقة أهملنا جوهرها منذ عقود، وهي أن الأرض هي الأم الحنون؛ منها نعيش وبها نحيا وأيضاً إليها نعود. والأرض هنا لا نقصد بها الكوكب بقدر ما نركز على أراضي هذا الكوكب الحبلى بالغذاء المانع للجوع. المشكلة أنه حتى الدول التي لم تسقط من اعتباراتها أهمية الزراعة، أو ما يسمى علم فلاحة الأرض، فإنها انخرطت في استنزاف الأراضي الفلاحية بالهندسة الوراثية من خلال بذور معدّلة كي تنبت بشكل أسرع وأكبر من حيث المحاصيل. أي أن الفلاحة بما تعنيه من عملية لإنتاج الغذاء والعلف والألياف عرفت مبالغات في النهم وفي إرباك النظام الطبيعي للتربة، فحصل تدهور شمل قرابة ربع أراضي العالم، ومن مظاهره انحلال التربة وتلوث المياه الجوفية بسبب السماد غير الطبيعي. لذلك فمن سنوات وبعض العلماء يتحدثون عن تدهور حاد في المستقبل يطال إنتاج المحاصيل الزراعية. ومن سنوات أيضاً بدأت تطلق صيحات الفزع حول مشكلة الماء وما تعيشه البيئة من ضغوطات وطبقات المياه الجوفية من استنزاف.
الرد الوحيد على صيحات الفزع والتهديدات التي بات يعرفها الأمن الغذائي غير المتحقق بالشكل المطلوب إنسانياً وعالمياً، هو ما يسمى بالفلاحة البيولوجية التي هي الفلاحة الطبيعية بالسماد الطبيعي ووفق قوانين الطبيعة والمناخ التي خضع لها الأجداد في السابق.
وها هو «كورونا» يذكرنا بحجم الإهمال والورطة التي وضعت فيها الإنسانية نفسها. فالقطاع الأكثر قدرة على الصمود أربكنا نظام وتيرته وقلصنا من رهاننا عليه، الأمر الذي جعل السلسلة الغذائية مهدّدة أكثر. فالحجْر الصحي عطّل الصناعة، والسياحة توقفت والفنادق فارغة من السياح، والعملة الصعبة أضحت صعبة أكثر وحركة التصدير والتوريد شبه مشلولة.
كما أن هذه الأزمة التي أقعدت العالم بالبيت وأوقعته في الحجْر بمختلف معانيه لا أحد يستطيع تكهن تاريخ محدد لانقشاعها، حيث هناك من يتحدث عن أشهر طويلة، وتصارح منظمة الصحة العالمية البشرية بأنه عليها أن تتعود على نمط جديد من الحياة... وكل هذه الأحاديث المخيفة تزيدنا قناعة بأن الحل في الفلاحة أولاً، على الأقل لضمان الحد الأدنى من الغذاء وتأمين ما يضمن الحياة للسكان.
ولعل بلداننا العربية التي انخرطت من دون حساب في قطاعات مختلفة وأهملت الفلاحة وتشجيع الفلاحين، مطلوب منها لمواجهة واقع العزلة المفروضة تدارك حال الزراعة وما عانته الفلاحة من إهمال بسبب تحول الوجهة نحو السياحة التي استنزفت الكثير من الموارد والأموال.
والغريب أنّه حتى عندما أضر الإرهاب بالسياحة وزرع الخوف في قلوب أصحاب رؤوس الأموال الذين خفتت حماستهم للاستثمار في بلداننا، بما في ذلك الرأسمال العربي نفسه، لم تراجع غالبية البلدان العربية سياساتها الاقتصادية وظلت مصر وتونس والمغرب بشكل خاص معتمدة على السياحة من دون الانتباه إلى أن الفلاحة هي عصب أي اقتصاد قوي ومستدام، وأن الفلاحة هي التي تمكنها من مواجهة الأزمات في عالم بات يعيش من سنوات طويلة على وقع التوترات والإرهاب وتداعياته الاقتصادية.
نعتقد أن أزمة فيروس «كورونا» ومأزق العزلة يدفعاننا إلى العودة إلى العمود الفقري للاقتصاد والمجال المنتج للغذاء: الزراعة. ففي هذه اللحظة حيث التعويل على الذات الوطنية وعلى الحلول الذاتية تتضاعف أهمية الفلاحة ولا طريق أمام العالم وأمام البلدان العربية إلا تحفيز الشباب على العمل الفلاحي ومساعدته مادياً بقروض ميسرة أو من دون فوائد.
لا شيء سيمكننا من مقاومة الأزمة الاقتصادية القادمة بقوة ومجابهة شبح الجوع وأرقام الفقر المتضاعفة غير الرّهان على الزراعة التي تجلب الغذاء للسكان ومن ثم أهم أبعاد الأمن. هكذا نتصالح مع الأرض: الأم الحنون.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة مع الأرض المصالحة مع الأرض



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 00:06 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ليليا الأطرش ودانا جبر توقعان على بطولة مسلسل "حركات بنات"

GMT 08:55 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

فنانون "سنة أولى" بطولة في أعمال رمضان 2018

GMT 06:35 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ناجية من السرطان تنفق 50 ألف دولار لتبدو مثل ميلانيا ترامب

GMT 00:20 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

عقار آمن يساعد على خسارة الوزن مرتين أكثر

GMT 03:09 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

"آبل" تستعدُّ للكشف عن جهاز "أي فون 6s" في نيويورك

GMT 03:23 2017 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

ميلي براون أصغر عارضة أزياء في حملة "كلفين كلاين"

GMT 11:18 2017 الأحد ,01 كانون الثاني / يناير

بلقيس ترتدي فستان زفاف أسطوريًا ليلة عرسها

GMT 01:10 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجزائر تطلق مخططًا لحماية ملايين النساء "العجائز"

GMT 03:46 2014 الإثنين ,10 آذار/ مارس

"ليكويد غولد إيفوريا" عطر شرقيّ من الأخشاب
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria