عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها

عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها

 الجزائر اليوم -

عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها

علي شندب
بقلم - علي شندب

عنصر المفاجأة مفقود في الأحداث الخطيرة التي شهدتها طرابلس طوال الأيام الماضية. فلا يمكن لأحد كائنا من كان هذا الأحد، مواطنا بسيطا، أم مسؤولا في سدة المسؤولية الرسمية على مستوى كرسي المدينة أو كرسي الدولة ادعاء المفاجأة تجاه أعاصير الغضب المنطلقة ضد الشخصانيات السياسية والتغولات الطائفية المتواطئة أو المتقاطعة مع الأجندات الخارجية، حيث تداخل في مواجهات ليالي طرابلس الحزينة حساسيات وحسابات الأطراف السياسية النافذة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية في تعليمهم على بعض، عبر استثمارهم على نقمة الناس وغضبها من واقع الفقر المدقع والمزري الذي يموته فقراء المدينة الذين انضم إليهم شرائح واسعة من الطبقة الوسطى سابقا.

الانهيار الشامل والوشيك، عبارة باتت محطة كلام الطبقة السياسية الذي فكّ ألسنتها كلام ساكن قصر بعبدا الشهير "رايحين على جهنم". إنها البشارة التي زفّها ميشال عون إلى اللبنانيين بعد انفجار بيروت الهيروشيمي، الذي ضاعف من غضب اللبنانيين واحتقارهم لرموز بلدهم التصرف المريب بالمساعدات المقدمة من دول شقيقة وصديقة، مثل طحين العراق ونفطه، وشاي سريلنكا، وسمك موريتانيا فضلا عن أجهزة الكمبيوتر وأيضا أجهزة التنفس الطبية لزوم مرضى جائحة كورونا، لكن احتقار اللبنانيين الأبرز لطبقتهم الحاكمة كان بسبب صمتها عن الإهانة الخطيرة التي وجهها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لهذه الطبقة، التي اكتفت بطأطأة رؤوسها وتنافسها في الحرص على المبادرة الماكرونية الموءودة وادعاء تنفيذها.

فكما خطفت طرابلس الأضواء مع 17 تشرين بتألقها وبهائها واتسامها بكل أشكال التعبير الحضاري والسلمي حتى باتت مضرب المثل بين ساحات وميادين الثورات. ها هي اليوم تخطف الأضواء مجددا عبر هذه الأحداث الخطيرة التي تواجهها، وهي الأحداث التي انطلقت بعدما بلغ السيل الزبى من أداء السلطة الذي بلغ مستوى غير مسبوق من اللامبالاة وعدم عمل مطلق شيء لإنقاذ لبنان ممّا بعد الانهيار الذي يمسك بمقوده أطراف منظومة الفساد والمال والسلطة والسلاح، وهو الانهيار الذي جعل فقراء طرابلس وجها لوجه مع أنفسهم من فقراء قوى الأمن الداخلي في سرايا طرابلس، يتقاذفون بمدافع المياه والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع والقنابل الدخانية وهي أسلحة السلطة، يقابلها الحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة وهي أسلحة الفقراء والمحتجين.

لكن التطور الدراماتيكي حصل بعد إطلاق القوى الأمنية الرصاص الحي بحجة الدفاع عن النفس نتيجة إحساسهم بضغط المحتجين واقترابهم من تجاوز أسوار السرايا الحكومي تزامنا مع دوي أصوات قنابل غير صوتية. إنه الرصاص الرسمي الحي الذي ربما يستبطن ضمنا، استدراجا لرصاص حي مماثل. فمن الذي يمنع فاقدي الأمل بحياة كريمة من الخروج على السلطة ذات احتجاجات مقبلة مدججين بالأسلحة، في بلد يعج بكل أنواع السلاح الشرعي وغير الشرعي؟

وهو الرصاص الحي الذي ألهب غضب المحتجين فأطلقوا العنان لصرخاتهم وهتافاتهم وشتائمهم الغاضبة ضد رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، إضافة إلى أمين عام حزب الله حسن نصرالله، وأيضا باتجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي استفز المحتجين بكلامه عن "تحريك الشارع المعروف الانتماء والتمويل" وغمزه من قناة "بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية السابقين والحاليين".

شتائم غاضبة، سبقها وزامنها ولحقها، هتافات أخرى ممتدحة للجيش اللبناني وقائده جوزف عون، ما جعل الجيش ينسحب عن ساحة النور ومحيطها إلى مواقع خلفية، ما سمح للمحتجين برشق السرايا الحكومي وإصابة سيارات وعناصر فرع المعلومات بما تيسر من المولوتوف والحجارة، مع ما حملته هذه الإصابات من رسائل أمنية ومن تحت الحزام، ليعود الجيش اللبناني ويتدخل ويعمل على تفريق المحتجين لإنقاذ السرايا وقوى الأمن الداخلي فيها بعد اتصالات عليا رسمية وحزبية.

أداء الجيش اللبناني الميداني المتهاون مع المحتجين، وتدخله بعد فوات الأوان، وخراب البصرة المتمثل بإحراق مبنى بلدية طرابلس، وهو الإحراق الذي يعني ضمنا ضرب أبرز وأهم معالم المدينة التاريخية، سيما وأن للبلدية عدة مشاريع مالية واجتماعية تضامنية مع الحالات الأكثر فقرا. هذا الأداء المتأخر للجيش اللبناني رغم تواجده الكثيف في منطقة الاحتجاجات ومحيطها كان محل رصد وانتباه المراقبين، وأيضا محل انتقاد سعد الحريري على وقوف الجيش اللبناني متفرجا على محاولة إحراق السرايا والبلدية والمنشآت الأخرى.

فانتقاد الحريري للجيش اللبناني هو الانتقاد الثاني على هذا المستوى، إذ إن الانتقاد الأول مسجلة ملكيته الفكرية باسم حسن نصرالله، ما يشي وكأن سيادة الغوغاء على طرابلس تهدف إلى تأديب المدينة وتشويهها، كما يشي وكأن قائد الجيش اللبناني استجاب لما تردّد عن ضغوط لقيادة حزب الله تقول بأن استمرار الاحتجاجات يسمح لداعش بالعودة والتحرك في مثل هذه البيئة. داعش أو تدعيش ودعشنة المدينة هو البعبع الذي يلوح به كل من يجدون بطرابلس الشامخة والقوية خصوصا من حلف الأقليات مخربا على مشاريع الهيمنة الإقليمية والإيرانية خاصة.

درباس. فطرابلس بوصفها من أبرز حواضر العرب، تعيش ومنذ سنوات طوال حالة من انعدام الوزن والتوازن لأن من تبوأوا كرسيها بعد رشيد كرامي ومن مختلف التيارات لم يرتقوا إلى مستوى المدينة وأهلها وتاريخها، رغم أن متنفذي المدينة تنافخوا شرفا لنجدتها وأطلقوا صرختهم المشابهة لصواريخ إيران الصوتية في تدمير إسرائيل خلال سبع دقائق ونصف.. "طرابلس لن تجوع"، رغم أن جوع المدينة مزمن وقديم، علما أن الفقر مستجد على المدينة التي تعرضت لإفقار ممنهج بفعل سياسات الحكومات والعهود المتعاقبة ما حوّل المدينة لصندوق بريد إقليمي.

إنه الجوع إذن، ذاك الذي يفتك بطرابلس بعدما فتكت فيها السياسات التأديبية والتخضيعية، بل إنه التجويع الممنهج والمتقن وقد رسّخ بعض الساسة الجدد عبره "الثقافة التسولية" التي اعتمدوها نهجا ومنهاجا هجينا ليركبوا على المدينة وينصّبوا عليها، عنها، وعن غيرها "مزهريات" في المجلس النيابي والحكومة. رغم أن طرابلس ولزمن غير بعيد مدينة قائدة ورائدة وغير تابعة لأحد خصوصا من خارجها، لكنها استُتبعت سياسيا وشُوّهت إعلاميا وأهملت إنمائيا واقتصاديا، فلا أحد يسأل أو يتساءل بعد هذا عن مآلات مدينة أو بلد تحل فيه لعنات "الاستتباع والتشويه والإهمال" الممنهجة والمبرمجة بهدف السيطرة والإخضاع وتأمين الممرّات الآمنة للزعامات الوافدة من عوالم لا علاقة لها بالسياسة وفنون الممكن وغير الممكن فيها بالمعنى الرشيد والحكيم والمسؤول.

إذن هو الاستتباع السياسي الذي همّش طرابلس وأفقدها وزنها وتوازنها تجاه نفسها ومعها لينعكس الأمر هزالا وتهميشا وتهشيما للمستتبع إياه الذي تعامل مع المدينة بلغة الصناديق، صناديق انتخابية تارة، وصناديق بريدية طورا، أما صناديق المشاريع التنموية والاقتصادية والاجتماعية فبقيت خارج طرابلس، وهو الخارج الذي له مع الفيحاء حسابات وحساسيات كثيرة ستضعه خارج كل الحسابات متى ما استعادت طرابلس دورها الريادي والقيادي، ولهذا كان لا بدّ من وأد وتشويه صورتها وتنكيس أعلامها التي اشرأبت مع فجر 17 تشرين.

ما شهدته طرابلس بالأمس، من باب الاحتجاج على قرار تمديد الإغلاق لمواجهة جائحة كورونا ومنع التجول وإقفال المؤسّسات وتعطل دورة الحياة الاقتصادية بفعل الجائحة غير الجائعة، دفع جموعا من المدينة إلى الشوارع تقول "نفضل الموت من كورونا، على الموت من الجوع"، فيما ضارب الطبلة يغني "طرابلس لن تجوع".

وما شهدته طرابلس يصعب فك شيفرته ببساطة، فاستهداف وشتم نواب المدينة ووزرائها وصولا لرئيس الجمهورية وما بينهما، بالإضافة لحسن نصرالله بوصفه رئيس السلطة الموازية والناظمة للسلطات الرسمية، يكشف أن فقراء المدينة الذين هم جزء أساسي من وجدانها الجمعي خلعوا حكامهم وطلقوهم بالثلاثة. وأن مراسم هذا الخلع والطلاق تجسّدت في الاحتجاجات التي اتخذ بعضها طابعا عنفيا وتخريبيا لمؤسّسات المدينة. وأن مفاعيل هذا الخلع والطلاق لا تنتهي بإحراق البلدية الذي يعني شيئا واحدا وهو أن كرة النار قد انطلقت بفعل سياسات السلطة الارتجالية والحمقاء. وهي السياسات التي يبدو أنها ستتخذ من إحراق البلدية ومحاولة إحراق السرايا مشجبا وذريعة للتعاطي مع طرابلس كملف أمني، وليس كقضية اجتماعية واقتصادية وإنمائية، وهنا مكمن الخطورة التي يرجح أن تنقل النار المشتعلة إلى غير منطقة في لبنان.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها عن إشكاليات طرابلس ونيران احتجاجاتها



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:36 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 01:10 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

" آبل " تعاني من انخفاض مبيعات هواتف " أيفون "

GMT 23:26 2018 الأحد ,25 شباط / فبراير

آسر ياسين ضيف "ليل داخلى" على إينرجى الثلاثاء

GMT 00:43 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

منال سلامة تقدم شخصية شريرة في مسلسل " عائلة الحاج نعمان "

GMT 12:23 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على فوائد الهندباء البرية المتعددة لـ الجهاز الهضمي

GMT 10:11 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 2.4 درجة يضرب سواحل محافظة نابل التونسية

GMT 07:26 2015 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

كرواتيا تأمل أن تعزز سياحة عيد الميلاد نمو اقتصادها

GMT 19:34 2016 الجمعة ,01 تموز / يوليو

أغرب تصريح من نيرمين ماهر عن عمرو زكي

GMT 06:50 2016 الثلاثاء ,08 آذار/ مارس

مجمع ترفيهي روماني قديم تحت الأرض في القدس

GMT 07:32 2014 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

"النقد السعودي" تُقِرّ تمديد 9 منتجات من "أليانز"

GMT 14:36 2016 الخميس ,27 تشرين الأول / أكتوبر

إعادة عرض مسلسل "فيه حاجة غلط" عبر ماسبيرو زمان

GMT 05:07 2013 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

أسكيا جزيرة خضراء في إيطاليا تجذب المشاهير

GMT 18:54 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

عطلٌ فني في محطة تحويل باب شرقي يقطع الكهرباء عن مناطق عدة
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria