حاذروا أن توقظوه
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

حاذروا أن توقظوه

حاذروا أن توقظوه

 الجزائر اليوم -

حاذروا أن توقظوه

غسان شربل

< للوهلة الأولى حاولت ألا أصدق. قلت غلبه النعاس فنام. لا ثقوب في ثيابه. ولا آثار تعذيب. ولا غرابة أن يرتمي طفل سوري على شاطئ تركي. وكدت أقول حاذروا أن توقظوه. أوقفوا قليلاً دوي المدافع. وهدير الطائرات. و»زغردة» البراميل. والصواريخ الفراغية. والسيارات المفخخة. والأحزمة الناسفة. ولعله راهن أن شقيقه غالب سيوقظه بعد قليل. وأن أمه ريحانة ستناديه لمتابعة الرحلة إن استغرق غالب في الأحلام. ربما لم يعلم أن غالب مات قبل أن يوقظه. وريحانة ماتت قبل أن تناديه. وأنه مات هو الآخر. ربما لم ينتبه إيلان ابن السنوات الثلاث أن القارب انقلب بالسوريين الهاربين. وأن سورية نفسها تشبه قارباً انقلب. لم يعرف أن صورته ستحتل الشاشات. والصفحات الأولى.

ما أقسى أن تكون سورياً في هذه الأيام.
ما أفظع أن تكون كردياً سورياً في كل الأيام.
وما أوجع أن تكون من كوباني التي نسميها، نحن العرب، «عين العرب».

أكاد أتهمه بالانتحار عمداً. يأساً من بلاد تقتل أطفالها مرة على أرضها ومراراً في البحار. تطردهم وتوقعهم بين أنياب باعة الأحلام الموصلة إلى المقابر. ولعله انتحر ليرمي جثته في وجه هذا العالم المفترس. في وجه مهرج اسمه الضمير العالمي بقي متفرجاً على الجرح السوري المفتوح. في وجه كل من ولغ في دم سورية والسوريين. في وجه كل من حاول الاصطياد في بحيرة الدم السورية. ووجه كل من تردد في بذل ما يلزم لإيقاف مذبحة الأرقام القياسية. أرقام القتلى والمعوقين والبيوت المحروقة والجثث الصغيرة. ووجه سوبرماركت الأمم المتحدة ودكان الجامعة العربية. ودكاكين القرار في عواصم القرار.

لهذا العالم الوحش ذاكرة تنسى. غداً يضجر من جثة إيلان ويقلب الصفحة. لهذا لا بد من الاحتفاظ بالجثة حاضرة. ليتها تؤخذ طازجة إلى اجتماع لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية. تحضر لتذكر جون كيري بنهر الجثث المتدفق في المنطقة على رغم زياراته الكثيرة وابتساماته. يمكن أن ترسل أيضاً إلى سيده بطل مسلسل «الخط الأحمر». الرجل الذي ترك العراق لمصيره. وترك أفغانستان لمصيرها. وترك السوريين بين الموت براً أو الموت بحراً بعدما كان سارع في تحريضهم على الذهاب بعيداً في انتفاضتهم.

تحضر الجثة أيضاً لتصفع رجلاً اسمه سيرغي لافروف. تتلاطم أمواج الدم في سورية ولا يرف له جفن. انشغاله بتسجيل النقاط ضد السياسة الأميركية ضاعف شراهته في المناورة والتضليل وتوزيع الأكاذيب. يمكن إرسال الجثة أيضاً إلى سيده في الكرملين المنهمك بصيانة عضلاته أمام الكاميرات. أغلب الظن أن بوتين يفضل تجريب الأسلحة في سورية على استخدامها في روسيا. يفضل اصطياد الشيشانيين على التراب السوري لتفادي عودتهم إلى التراب الروسي. يتفرج على نوافير الدم السوري ولا يرف له جفن.

كنت في وارسو قبل أيام. قالت المرشدة السياحية لمجموعة في الفندق: «لا يجوز ألا تذهبوا إلى أوشفيتز لمعاينة آثار المحرقة. غرف الغاز وما ارتكبته وحشية النازيين. ليتكم اصطحبتم أطفالكم ليتعلموا أن العالم يجب ألا يتسامح مع القساة كي لا تتكرر مآسي المحرقة وغرف الغاز».
استمعت إلى كلامها وراودتني رغبة في الابتسام. لا مبرر لذهابي أنا العربي إلى أوشفيتز. لا يحق لي معاينة محارق التاريخ وأنا غارق في محارق الحاضر. ثم أنني من منطقة لا تكره جيوشها وميليشياتها أسلوب «الحل النهائي». لم تبدأ الوحشية مع «داعش» وإن يكن التنظيم أخذها إلى قمم غير مسبوقة.

لن أذهب إلى أوشفيتز. أحفاد الضحايا هناك ارتكبوا محارق كثيرة ضد الفلسطينيين. جثة محمد الدرة لا تزال صارخة. وتكفيني اليوم الجثة الصغيرة النائمة على الشاطئ التركي. الجثة الصارخة ضد موسم العار الطويل. موسم قوافل الهاربين. سمعتهم على الشاشات يمتدحون البلاد التي فتحت ذراعيها لهم بعدما اكتووا بنار بلدانهم الأصلية. موسم العار الطويل. البلد الغريب أكثر رحمة. والحكومة الغريبة أكثر رحمة.   
ما أقسى هذه التي نسميها بلداننا. تقتلك إذا رفضت البقاء خانعاً أمام الظلم. تقتلك إذا رفضت الانخراط في عصر الظلام.

حاذروا أن توقظوه. فقد يروي أهوال رحلته. وأهوال بلاده.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاذروا أن توقظوه حاذروا أن توقظوه



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 19:43 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

سيطرة طالبان على أفغانستان تقلق إيران!

GMT 17:54 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

ولكن رئيس رئيسي لا يمد يده!

GMT 07:57 2016 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

أمطار مصحوبة بزخات البرد على جنوب بيشة

GMT 07:22 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

جزر سياحية تستحق الزيارة في "صيف 2018"‏

GMT 15:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

حماية الطفل بقانون

GMT 23:08 2017 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

حذاري من الشهر المقبل

GMT 18:29 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الزوج يغار من نجاح الزوجة في ميدان العمل

GMT 05:23 2016 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

حنان بركاني تؤكد أن فن "المكرامي" يشهد إقبالًا كبيرًا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria