الذي سمع بكاءً آخر غريريا
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

الذي سمع بكاءً آخر غريريا ؟!

الذي سمع بكاءً آخر غريريا ؟!

 الجزائر اليوم -

الذي سمع بكاءً آخر غريريا

بقلم _ حسن البطل

أعرف حسين برغوثي قليلاً (بما يكفي لأحبه كثيراً)، لأنه إنسان حقيقي، فهو، إذاً، المجهول الأكبر في هذا الكون؛ ولأنه - كأي إنسان حقيقي - يمزج بين المدركات (إنه كيكغاردي بامتياز) وبين المحسوسات (بحيث شعرت بأن هذه «الزعراء» تنتظرني إذا قمت بزيارة ليلية أخرى إلى بيته في «كوبر»).

هذه القرية، المرمية إلى جانب بيرزيت، أكبر من قريتي، المرمية إلى جانب البيرة.. ولكنهما قريتان صغيرتان قديمتان ومتجدّدتان في ريف رام اللّه، أجمل ريف في هذه الضفة الفلسطينية، وريفها هو الأجمل، بدوره، بين الأرياف العربية.

أتحفني حسين برغوثي بأجمل نص مفتوح (أسماه «سيرة ذاتية»)، أنا مثله مأخوذ بالضوء، وقد أخذني في سيرته «الضوء الأزرق» إلى مغامرته العقلية الشبابية أثناء غربته الأميركية، ثم إلى مغامرات طفولته في لبنان.. وأول احتلال الضفة.

في زيارة ـ مداهمة إلى بيته (العائلي ـ الشخصي) في كوبر، تحولت زيارة فنجان القهوة إلى جلسة سمر، وهذه إلى حفلة شواء. بين الحفلتين تجوّلت، وحيداً، مئات الأمتار في ليل دامس، ذات ليلة صيف قائظة.. ولم أحترس من هذه «الزعراء» القصيرة جداً، الثخينة والملوّنة (تأخذ لون الأرض).. إنها إحدى أكثر الأفاعي سُمِّيَّة في العالم؛ أفعى مُؤلّفة.. بقرون؟!

في شهادته بفصلية «الكرمل - 66» التي تلج الألفية الثالثة، فهمت ما فاتني من «الضوء الأزرق» وشخصية صاحبه: هذه العلاقة بين «الضوء» و»القوة». هل نجم الشمس سوى نسيج علاقة ضوء-قوة؟ وهل أي إنسان (المجهول الأكبر) سوى نجم صغير في مجرّة الإنسان؟!

أحب ريف رام اللّه كما يحبّه حسين، هذا الكيكغاردي، الذي يرى الحياة سلسلة لا تنتهي من «البدايات». أمام الموت نحكي عن بدايات؟

يقول: «لم يعد لي من مكان، في كل هذه «الانتفاضة» إلا التردد، بشكل ممل أيضاً، على مستشفى رام اللّه، فهو الآن كعبتي الأخيرة أو حائط مبكاي الأخير. هناك متّسع لي بين الولادات الجديدة، وبين ثلاجة حفظ الموتى تحت».. نهرته الممرّضة: «نحن في طوارئ» فما أهمية مرض السرطان؟
يقول: «كان القمر بدراً، والهواء صقيعياً في جنائن اللّوز حول بيتنا، وأنا أتجوّل بين الظلال وأتأمّل في هذه النهاية. أرجعني إلى هنا مرضي بالسرطان، ووجع في الظهر مستمر إلى حد الملل». الملل أقسى من الموت لدى كيكغارد.

أحد أعمامه قتلته هذه «الزعراء» بسُمّها. لسعته بين الخرائب.. التي جال بها ليلاً، فسمع بكاءً كبكاء طفل صغير. يدنو الصوت إذا ابتعدت، ويبتعد إذا دنوت. كان هذا صوت الـ «غريريا». كائن انقرض تقريباً (لأن لحمه لذيذ). قال له خاله: «ربما سمعت صوت آخر غريريا في هذه الجبال».

قال لنفسه: «لا. رأيت (لم يقل سمعت بكاء) غريريات كثيرة في مستشفى رام اللّه. كنّ يلدن ويولدن في الطابق العلوي، فوق، أو يحفظن في ثلاجة الموتى تحت، لكن رأيتهن..».

تشكل شهادته (علاقة الضوء- القوة؛ الذات- الموضوع) الشهادة الأكثر متانة بين الأقلام الفلسطينية التي شاركت في الكُرّاس، ولا تُضاهيها، من زاوية أخرى، سوى شهادة حسن خضر: خط هاتف يصل بينه (في رام اللّه) وابنته (في خان يونس)، خلال موجة القصف الأولى بالطائرات.

لابنته، الآن مثل عمره العام 1967، عندما شهد بعينيه مصرع والده بقذيفة إسرائيلية، ولا يزال حسن خضر يحمل أثار جرح من شظاياها في قدمه (صار يحاور يهوشواع.. ويحتقره).

في السنوية الخمسين للنكبة، قبل عامين، ولد حفيد للأب الميت وطفل للأخ الأكبر لحسن خضر. بيت-لاجئ شهد حياة أربعة أجيال في المنفى.

يقول حسن خضر: «من حقي كواحد من السكان الأصليين (يا للسخرية!) البحث عن إجابات مناسبة تحرّر الحكاية العائلية من شبهة الأقدار العاتية، أو المصادفات الناجمة عن سوء الحظ. ففي سيرة أربعة أجيال من عائلة واحدة ما يُبرّر البحث عن ناظم يعقلن السيرة، أي يضعها على سكّة التاريخ».

في كرّاس آخر عن شهادات الانتفاضة، نشرته «الشعراء» - شتاء 2001، هناك أكرم مسلّم، تلميذ حسين برغوثي في الجامعة. في السادسة من عمره اختبأ خلف كومة حجارة من سيارة عسكرية إسرائيلية..
1987. حتى الآن يشعر بالعار لضحكات الجنود على خوفه الطفولي (في مرحلة لاحقة سيبعثر الكومة).. في أوّل الانتفاضة الكبرى، ويزعم أن عمره كان أكبر بقليل  من 16 عاماً، وهكذا ينضوي تحت القوات الضاربة (لا يزال يبدو طفلاً).

من ذاكرة ريفية إلى ذاكرة المنفى الأميركي، فالعودة إلى ريف رام اللّه. هذا هو حسين برغوثي (بعض- بعضه).

من ذاكرة مخيمية إلى ذاكرة فدائية وبيروتية، فالعودة إلى مدينة رام اللّه. هذا هو حسن خضر (جانب منه).
في بناء ذاكرة جمعية فلسطينية يأخذ كل واحد من الثلاثة مكانه في علاقة الضوء- القوة؛ الذات- الموضوع؛ الأنا- الآخر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذي سمع بكاءً آخر غريريا الذي سمع بكاءً آخر غريريا



GMT 14:57 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

صدّام وايران... والعناد

GMT 14:44 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

(المحقق الخاص أمام الكونغرس)

GMT 05:41 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

إيران: جَلد الشاة ميتة أمر غير مجدٍ

GMT 05:38 2019 الجمعة ,02 آب / أغسطس

قطر والوقيعة بين الرياض وأبوظبي

GMT 17:04 2019 السبت ,13 تموز / يوليو

حادث تصادم قوي بين أربع سيارات في طريق جمصة

GMT 06:14 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة "فيرجن Virgin" يزور السعودية

GMT 10:08 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

صبايا ينشئن مقهى "الحرملك"في حلب ويحظرن على الشباب دخوله

GMT 08:44 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الأرصاد تنبه من أمطار غزيرة ومتوسطة على منطقة الباحة

GMT 21:00 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على خطوات تنظيف فرن الغاز من "بقع الزيت"

GMT 10:34 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تخلي عن فرك المعصمين للحصول على عطر يدوم طويلًا

GMT 11:09 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

هندية تقتل زوجها وتجري عملية تجميل لعشقيها ليحل محله

GMT 14:59 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

مخرجو أفلام حرب أكتوبر

GMT 00:37 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

إيلي ديب ينفي هجوم ابنته تيا على نوال الزغبي

GMT 02:10 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

زوجة مفتي داغستان آينة حمزتوفا تترشح لرئاسة روسيا
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria