استمتع جمهور الفن الرابع في اليوم الخامس من فعاليات الطبعة الحادية عشرة للمهرجان الوطني الثقافي للمسرح الأمازيغي بمسرحية "شيخ الزاوية" (أمغار ن تغاريوشت) من توقيع جمعية "تاغيثنازجر" القادمة من ولاية إليزي، استمتعوا بمشاركتها المميزة خلال هذه الدورة. وقد قُدم العرض بقاعة العروض بمسرح باتنة الجهوي.
ساد الهدوء القاعة، وراح الحضور في هذه السهرة المميزة يتابعون باهتمام وصمت، الأحداث المثيرة، مع أداء قوي للممثلين، الذين جسدوا بتمكن، النص المسرحي الذي يعالج آفة اجتماعية خطيرة تهدد الجميع، وهي ظاهرة السحر والشعوذة. وبدا الديكور المجسد فوق الخشبة بسيطا؛ ما يؤكد أن العرض قد يكون جيدا رغم قلة الامكانيات. وتوالت اللوحات في إطار كوريغرافي راق، وإضاءة تعكس بحق هذا العالم المخيف.
وأشار مخرج المسرحية إلى أن العرض يروي حال شيخ ضليع في عالم السحر، يمارس الشعوذة للضحك على الذقون، ولإيهام ضحاياه بأنه يستطيع حل كل مشاكلهم. ومع الوقت يكثر رواده، طالبين منه النجدة ويد العون، لكن المشعوذ يلجأ ذات مرة لإثارة الفتنة داخل عائلة أحد الحكماء، وبالفعل يستهدف زوجة وابنة الحكيم الذي أحب عائلته وضحى من أجلها بالكثير، لكن كل ذلك يذهب هباء مع مكر الساحر.
المسرحية من تأليف أحمد قطافي، وإخراج رزوق العيد، وبمشاركة الممثلين قطافي أحمد وحمدو فوزي وعابد فطيمة وعبدو علي جمعة وقطافي الزهرة. وحاول المؤلف نقل الرسالة إلى المجتمع بشكل مباشر وفي إطار فني جذاب، جعل الجمهور قابعا في مكانه لا يتحرك، حيث حذّر من تبعات الشعوذة والسحر، وخطورتها ومحاولتها فك الروابط الأسرية وتأجيج الصراعات وإثارة الفتن والنميمة.
وحركت المسرحية وعي الحضور، ووصلت إلى الوجدان الجماعي بخطاب عقلاني، يحض على نبذ هذه الآفة ومقاومتها بكل الوسائل لتطهير المجتمع منها.
وفي هذا السياق، نوّه أعضاء الفرقة بالتنظيم الذي ساد أجواء هذه الطبعة، آملين التتويج لدعم مسارهم الفني الفتي، وللمضيّ قدما نحو تطوير المسرح الأمازيغي، مؤكدين أنهم قدّموا ما يمكن تقديمه، ولمسوا، على المباشر، ردة فعل الجمهور الذي اقتنع بالعرض وثمنه؛ ما يدل على مدى الوعي بالآفة والتجاوب الفني الراقي. كما تم عرض مسرحية "شفاوى" (الذكريات) لجمعية "ثاغرما أقبو" من ولاية بجاية بالمسرح الجهوي لباتنة، وسط إقبال كبير من الجمهور، وديكور ميزته هندسة جمالية راقية انبهر بها الحضور
ويُعد هذا العمل المسرحي من الأعمال الهادفة، أخرجه حمزة بوقير، وسينوغرافيا سعيد حميدوش، وشارك في أداء أدواره ثلة من خيرة ممثلي المسرح، أبرزهم حسيبة آيت جبارة.
وأشار مخرج هذا العمل المسرحي إلى أن الممثلين قاموا بتقمص شخصيات المسرحية بإتقان، مضيفا أن العرض الذي دام أكثر من ساعة، هو مساهمة في بعث الحركة الثقافية الأمازيغية.
ويروي العرض يوميات مرضى بمصحة للعلاج النفسي، يتناولون أدوية مختلفة لم تجد نفعا، قبل أن يتم توظيف ممرضة للمساهمة في تحسين ظروف النزلاء، فتمنعهم من تناول الدواء وشتى العقاقير؛ الأمر الذي جعلهم يسترجعون ذاكرتهم، ويستيقظون من سباتهم الدائم، ليحاولوا معرفة السبب الذي جعل الأطباء يصرون على تخديرهم لمدة طويلة.
وأوضح المخرج أنه يبحث في كل ألوان الفنون لتوظيفها في العرض، خاصة في هذه المسرحية التي تتطلب الجهد للحديث عن عالم المرضى النفسانيين، وكذا المختصين، الذين يعانون هم أيضا.
وجاء الديكور بسيطا يتناسب والعرض، وكذلك الإكسسوارات والألبسة؛ قصد ضمان الفرجة التي تمتع الجمهور.
كما كشفت السيدة حسيبة آيت جبارة، عن أن المهرجان فرصة للالتقاء وتبادل الخبرات والأفكار، وإعطاء الفرصة للجمعيات والفرق المسرحية للرقي والتطور نحو الأفضل. كما أبرزت أهمية العرض الذي تفاعل معه الجمهور، ويشرح واقع المرضى؛ مما يتطلب الدعم والمساعدة.
وأجمع المتتبعون على أهمية مثل هذه العروض، التي أضفت فيها جماليات الديكور لونا آخر، يعكس روح المبادرة، مع السعي لإرساء حضور واسع للمسرح في الساحة.
:قد يهمك ايضــــاً
وزير الثقافة السعودي يتعهد بموسم مُميَّز للمهرجان الوطني للتراث والثقافة
سرقة 10 مُجسّمات برونزية لفنان عالمي من معرض في ستوكهولم
أرسل تعليقك