خطاب مدمر للجنسين
مسؤول جمهوري كبير يعتبر أن سياسة بايدن "المتهوّرة" في أفغانستان تؤدّي إلى "كارثة هائلة ومتوقّعة ويمكن تفاديها" مسؤول عسكري أميركي يتوقع أن تعزل حركة طالبان كابول خلال 30 يوماً وإمكانية السيطرة عليها خلال 90 يوماً ارتفاع حصلية ضحايا حرائق الغابات في الجزائر إلى 65 بينهم 28 عسكريًّا مئات من عناصر قوات الأمن الأفغانية استسلموا لطالبان قرب قندوز وصول وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى المغرب وزير الداخلية الجزائري يؤكد أن الدولة ستتكفل بأضرار الحرائق وأولويتنا حماية المواطنين محافظ الغابات لولاية تيزي وزو في الجزائر يؤكد أن الحرائق التي اندلعت سببها عمل إجرامي وزير الداخلية الجزائري يعلن عن اندلاع 50 حريقا في نفس التوقيت من المستحيلات وسنباشر التحقيقات وزارة الدفاع الجزائرية تعلن عن وفاة 18 عسكريا خلال عملية إخماد الحرائق التي اندلعت بولايتي تيزي وزو وبجاية الحكومة الجزائرية تعلن ارتفاع عدد ضحايا حرائق الغابات إلى 42 شخصا بينهم 25 عسكريا
أخر الأخبار

خطاب مدمر للجنسين

خطاب مدمر للجنسين

 الجزائر اليوم -

خطاب مدمر للجنسين

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

إنَّ وجود المشكل في حدّ ذاته ليس مشكلاً. ذلك أنَّ ظهور المشاكل جزء من الحياة اليومية ونتاج طبيعي للعلاقات الاجتماعية ومسارات الفعل الاجتماعي المختلفة والمتصارعة. فالمشكل يكمن حقيقة في كيفية معالجته: طريقة المعالجة هي التي تزيد في طابعه الإشكالي، وهي التي تُحدد تزايده وتفرعه إلى ما لا يُحصى من المشاكل المعقدة والمركبة.
وهكذا فإنَّه يمكن أن ننطلق من نقطة أنَّ التعثر وارتكاب الأخطاء في معالجة أي مشكل هما المشكل بالأساس.
لقد ارتأينا اعتماد هذا المدخل لتناول ظاهرة بدأت تنتشر في الخطاب الإعلامي والثقافي والاجتماعي العربي بشكل عام، ويمكن القول إنَّ تونس رائدة الخطاب الذي سنشير إليه: ينحى هذا الخطاب إلى تثمين نجاحات المرأة والاحتفال إعلامياً بكل مظاهر التفوق التي تحققها سواء في مجال التحصيل الدراسي وتفوقها على الذكور في المناظرات الوطنية أو في الحقول الفكرية والصحية والحقوقية والسياسية.
طبعاً هذه الاحتفالية هي مظهر إيجابي ودليل تقدم اجتماعي في مجال إنصاف المرأة والاعتراف بقدراتها على الفعل والخلق والتميز. كما أنَّها تعكس خطوات نوعية قطعتها الذهنية الاجتماعية في تقليص الهوة الجندرية التمايزية بين الجنسين.
إلى حدود هذه المعاني والرسائل فإنَّ كل شيء على ما يرام ويُثلج الصدر ومطمئن جداً.
بمعنى آخر فإنَّه إلى حد هذه المعاني لا يوجد إشكال. ولكن المشكل يبدأ ويحتدمُ عندما يكون الاحتفاء بنجاحات التلميذات والنساء المتميزات في الطب والعلوم والمتفوقات يقوم على استنقاص قيمة الذكور والدفاع عن فكرة أنَّ المستقبل للمرأة، وأنَّ الرجال فقدوا الريادة في التفوق. أي أنَّنا أمام خطاب يعلي من شأن المرأة على حساب الرجل. ويظهر المرأة في صورة الذي افتك النجاح من الرجل، أي أنَّنا أمام انقلاب وإطاحة المرأة بالرجل وافتكاكها سلطة النجاح والتفوق. بمعنى آخر فنحن أمام إعلاء من شأن المرأة وحط من شأن الرجل. والمشكلة الأكبر أنَّ هذا الخطاب يمارس بقوة في مجال الدراسة وفي صفوف التلاميذ والشباب، أي في مرحلة البناء الرمزي للهوية الجنسية. ومن ثم فإنَّنا فعلاً أمام خطاب مدمر للشباب والشابات من جهة، وللعلاقة بينهما مستقبلاً من جهة أخرى. أيضاً يمكن توصيف هذا الخطاب بأنَّه انتقامي يسعى إلى استبدال هيمنة ذكورية بهيمنة أنثوية من دون التفطن إلى أن المشكل في الهيمنة وليس في الجنس، وهو ما يعني أنَّ الانتقال من هيمنة إلى أخرى يحمل الضرر نفسه، ويمثل توليداً لمشكل وليس معالجة لظاهرة تاريخية جعلت من الذكور يهيمنون على الفعل الاجتماعي، ويقسمون الأدوار الاجتماعية تقسيماً تمايزياً على أساس النوع الاجتماعي.
إنَّ تبني هذا المسار المضاد للمسار الذكوري تاريخياً واعتماد خطاب ينمُّ عن نزعة تستبدل تفضيل جنس على آخر لا ينتج علاقات بين الجنسين صحية وسليمة، ولا يعكس جهداً علاجياً بقدر ما يمثل زرعاً للفخاخ والتوترات.
لذلك فإنَّ خطاب التثمين الانتقامي لنجاحات المرأة في مجتمعاتنا هو خطاب مضر بالمرأة وبالرجل في الوقت نفسه، ولا يندرج ضمن النقد الثقافي للتنشئة الاجتماعية ويفتقد إلى الوعي بأساسيات الحياة والوجود، وهو محاولة الوصول إلى بناء رمزي يوفر للجنسين معاً الإنصاف والسعادة من دون اعتداء على الطبيعة ومع نقد يهدف إلى تقويم اعوجاج للثقافة.
فما هو الحل إذن؟ كيف لا نقع في الهيمنة الأنثوية من دون أن نحرم الإناث الاحتفال بتفوقهن؟
إنَّ الحل سهل جداً: الانتقال من الهوس بالهوية الجنسية للفاعل الاجتماعي إلى تثمين القيم والسلوك والأفعال. فالخطاب الاجتماعي الصحي هو الذي يثمن أفكار النجاح والعمل، وبذل الجهد ونبذ الكسل والطموح ورفع التحدي والتفوق والتميز والتفرد. هكذا يتمُّ تجاوز الخطاب المغرق في الجندرية المنحازة والمعتلة إلى خطاب يحتفل بالأفكار الإيجابية. وهو في الحقيقة الخطاب الذي يستند إليه فكر المواطنة وفكر الأنسنة، حيث تجاوز كل التمايزات الاجتماعية على أساس الجنس.
تحتاج مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تعرف لحظة حضارية صعبة وحرجة إلى ذكاء الجنسين وإبداع الجنسين وعلاقات اجتماعية صحية سليمة بين الجنسين، وهي علاقات أساس البناء الأسري وأساس بناء مجتمع بأقل ما يمكن من عنف وتوتر وجريمة.
لذلك فإنَّ معالجة الثقافة الذكورية في مجتمعاتنا تكون بمحو المعيار الجنسي واستبداله بمعايير الإنجاز والفعل والتعامل مع الإنسان من دون النوع الاجتماعي، وهو ما يجعل من نجاحات المرأة نجاحات للجنسين وللمجتمع وللإنسانية.
إنَّ الاعتراف بقدرات المرأة هو اعتراف بقدرات الرجل أيضاً، لأنَّ المرأة أو الرجل هما كقدرات وعطاء نتاج البيئة الاجتماعية التي هي بدورها وليدة إنجازات الجنسين على امتداد الأجيال. وللتخلص من أوحال الخطاب الذي يعتمد الانحياز الجندري أساساً، فإنَّه لا حلَّ غير الاحتفال بالقيم الخلاقة والكاشفة عن تميز الكائن الإنساني.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب مدمر للجنسين خطاب مدمر للجنسين



GMT 20:07 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

طالبان وإيران حلفاء أم أعداء؟

GMT 20:01 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

مجرداً من عصاه

GMT 19:57 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

إيران وجناحاها التالفان

GMT 19:52 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

هل يعامل إبراهيم رئيسي مثل عمر البشير؟

GMT 19:47 2021 الجمعة ,13 آب / أغسطس

لقد أطفأوا بيروت لؤلؤة المتوسط

GMT 15:12 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

مشاركة 14 مصارعا جزائريّا في دورة باريس الدولية

GMT 19:29 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 14:10 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد الخبيزة " الخبازي أو الخبيز"

GMT 10:22 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

شركة "هيونداي" تطلق نسخة رياضية من "Elantra" الشهيرة

GMT 02:30 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

قطع مجوهرات لا يمكن الاستغناء عنها في السهرات

GMT 12:44 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

الصراف بحث مع الشريف بالأوضاع العامة في لبنان والشمال

GMT 05:43 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكّد أن تلوث الهواء قد يعيق الأداء المعرفي للإنسان

GMT 19:27 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع "باراكودا بيتش" في أم القيوين بحلة جديدة

GMT 12:57 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

الإعلامية عبير شرارة تلجأ إلى القضاء في بيروت

GMT 18:44 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

بوترو على موعد مع فيرير في ثُمن نهائي "أكابولكو"

GMT 01:30 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

ميرفت رضوان تطرح أزياء مناسبة لإكسسوار الصلصال الحراري

GMT 00:49 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عزيزية تؤكّد أنّ اللوحة الفنية تخلق من أفكار ومشاعر

GMT 05:38 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

قواعد ذهبية لتجنب تفاقم حروق الفم واللسان

GMT 18:13 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

كارلوس إدواردو "سعيد" بالفوز على الأهلي في الكلاسيكو

GMT 19:00 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الحرب أهلكت أكثر مِن 27 مليون شجرة في سورية

GMT 15:04 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

البرنامج الكامل لقائمة محمود الخطيب من أجل خوض الانتخابات

GMT 15:34 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

احدث ألوان الطلاء لعام 2018 لديكور منزل ينبض بالحياة

GMT 10:26 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

إغلاق مطار أربيل 3 أيام بسبب استفتاء كردستان
 
Algeriatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

algeriatoday algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday algeriatoday algeriatoday
algeriatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
algeria, algeria, algeria