المناخ

نجحت ألمانيا في تحقيق الهدف المناخي لعام 2020. فطاقة الفحم في تراجع، و50 في المئة من شبكة الكهرباء من مصادر خضراء، كما ساعد تراجع النقل الجوي في تحقيق هدف المناخ. لكن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون يمكن أن ترتفع مرة أخرى.
 
ووفقاً لتحليل أجرته مؤسسة أبحاث التحول في الطاقة "Agora Energiewende" (أغورا إنرغيفينده) في برلين، حققت ألمانيا بوضوح هذا الهدف لعام 2020 وخفضت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 42 في المئة مقارنة بعام 1990. في عام 2020 أطلقت ألمانيا 722 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون في الجو، أي أقل بمقدار 82 مليون طن عن عام 2019 - بانخفاض قدره 10 في المئة.
 
وبحسب "أغورا إنرغيفينده"، فإن ثلثي هذا الانخفاض يرجع إلى أزمة كورونا، حيث أدى الركود إلى انخفاض كبير في متطلبات الطاقة للصناعة، وبالتالي انخفضت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أيضاً بأكثر من 50 مليون طن.
 
وبدون الأزمة، كان الانخفاض في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سيكون في حدود 25 مليون طن فقط، وفقاً لمؤسسة الأبحاث "أغورا إنرغيفينده". ومع هذا الحد من تراجع الانبعاثات بنسبة 38 في المئة مقارنة بعام 1990، كان سيفوت ألمانيا تحقيق هدفها المناخي.
 
ويقول باتريك غرايشن، مدير مؤسسة "أغورا إنرغيفينده": "التأثيرات الحقيقية لحماية المناخ في عام 2020 كانت موجودة فقط في قطاع الكهرباء، لأن الانخفاض في ثاني أوكسيد الكربون هنا يرجع إلى استبدال الفحم بالغاز ومصادر الطاقة المتجددة".
 
الكهرباء الخضراء في الشبكة أكثر من 50%
 
وفقاً لتحليل أجراه معهد فراونهوفر لأنظمة الطاقة الشمسية (ISE)، كانت حصة الكهرباء الخضراء في شبكة الطاقة الألمانية 50.5 في المئة في عام 2020 و46 في المئة في العام السابق. وفي عام 2020، غطّت طاقة الرياح وحدها 27 في المئة من الطلب على الكهرباء في ألمانيا، وبالتالي أنتجت كهرباء أكثر من الفحم البني (17٪) والفحم الحجري (7٪) مجتمعين. وغطّت وحدات الطاقة الشمسية 10 في المئة من الطلب على الكهرباء في ألمانيا، ومحطات طاقة المصادر البيولوجية 9 في المئة، والطاقة الكهرمائية 4 في المئة.
 
وفي حين أن توربينات الرياح ولّدت كهرباء بنسبة 5 في المئة أكثر من العام السابق بفضل سنة الرياح الجيدة في عام 2020 والوحدات الكهرضوئية بنسبة 7 في المئة، انخفض بشكل كبير توليد الكهرباء باستخدام الفحم البني (-20٪) والفحم الحجري (-28٪). وكان الانخفاض في توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في عام 2019، أكثر وضوحاً مما كان عليه الأمر في العام الذي سبقه (2018) بنسبة بين 22 و33 في المئة.
 
ويقول باتريك غرايشن: "طاقة الفحم لا تزال في تراجع" وسيستمر هذا "في السنوات القليلة المقبلة". ويرجع السبب، من ناحية، إلى التوسع في الطاقات المتجددة، ومن ناحية أخرى إلى ارتفاع سعر ثاني أوكسيد الكربون، كما يوضح غرايشن في مقابلة مع DW.
 
وهذا يجعل طاقة الفحم أكثر تكلفة وغير مربحة بشكل متزايد. وبالإضافة إلى الطاقات المتجددة، وبالمقارنة، غالباً ما توفر محطات الطاقة التي تعمل بالغاز كهرباء أرخص، وهذا هو سبب تشغيلها أكثر، ونتيجة لذلك، يتكرر كثيراً إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
 
لهذا السبب، ووفقاً لمؤسسة الأبحاث "أغورا إنرغيفينده" تتدفق الآن من ألمانيا إلى الخارج كمية أقل من الكهرباء، المتولدة من الفحم، حيث تنتج الدول المجاورة الكهرباء بتكلفة أقل من خلال محطات الطاقة التي تعمل بالغاز. وفي المجمل، تدفقت ثلاثة في المئة من الكهرباء من ألمانيا عبر الحدود في عام 2020، وكانت صادرات الكهرباء أعلى بضعفين في عام 2019.
 
حركة جوية أقل وتأثير مناخي كبير
 
لعبت الحركة الجوية حتى الآن دوراً ثانوياً في الأهداف المناخية الألمانية، حيث يتم احتساب الحركة الجوية المحلية فقط عند تقييم الانبعاثات الوطنية.
 
وفي ألمانيا، كان لانهيار الحركة الجوية نتيجة الوباء تأثير إيجابي للغاية على المناخ. فوفقاً لأغورا، حتى عام 2019، تسببت الطائرات التي أقلعت في ألمانيا في حدوث تأثيرات مناخية تعادل انبعاث أكثر من 80 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً. ومقارنة بالعام السابق، انخفضت مبيعات الكيروسين في ألمانيا بنسبة 55 في المئة في عام 2020، وهذا له تأثير مناخي حيث تم توفير أكثر من 40 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون.
 
ووفقاً لمؤسسة أغورا، انخفضت مبيعات الديزل والبنزين للسيارات والشاحنات بنسبة تسعة في المئة، ما يعني انخفاضاً في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنحو 14 مليون طن.
 
السير نحو هدف اتفاقية باريس للمناخ؟
 
من أجل الامتثال لحد 1.5 درجة، الذي تم الاتفاق عليه في اتفاقية المناخ العالمي في باريس، يجب أن تستمر الآن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الانخفاض بشكل كبير ومستمر، وفقاً لدراسة أجراها معهد فوبرتال. ويقول الباحث في الطاقة والمناخ البروفيسور مانفريد فيشديك، رئيس المعهد: "يجب أن تصبح ألمانيا محايدة من ناحية ثاني أوكسيد الكربون بحلول عام 2035. وإلا فلن يتم تقديم مساهمة كافية لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية". وأضاف فيشيدك: "من وجهة نظر فنية واقتصادية، هذا أمر بالغ الصعوبة، لكنه ممكن تماماً من حيث المبدأ".
 
والسبيل الرئيسي هو التوسع القوي في الطاقات المتجددة. ويوصي فيشديك وزملاؤه بتوسيع توليد الكهرباء من خلال محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بما لا يقل عن 25 إلى 30 جيغاواط في السنة، أي ثلاث إلى خمس مرات أسرع من السنوات السابقة، من أجل الامتثال لحد 1.5 درجة.
 
وفي مؤسسة "أغورا إنرغيفينده" في برلين، حيث يتم تحديد سيناريو لتحقيق الحياد المناخي لألمانيا بحلول عام 2050، يرى المرء أن متطلبات التوسع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح تبلغ 15.5 جيغاواط سنوياً في السنوات القليلة المقبلة. ويقول غرايشنغ: "هذا لا يتوافق مع هدف 1.5 درجة، سيكون عليك أن تقوم بخطوات أخرى للأمام".
 
حتى الآن، مع خططها لتوسيع الطاقات المتجددة، لا تزال الحكومة الألمانية بعيدة عن تحقيق هدف باريس للمناخ وهدف الاتحاد الأوروبي بشأن المناخ المحدد بحلول عام 2030. وحتى الآن، تم التخطيط لتوسيع حوالي 10 جيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية سنوياً. كما يتوقع غرايشن ارتفاع الغازات الدفيئة "بمجرد أن ينتعش الاقتصاد مرة أخرى".
 
وفي عام 2021، يمكن أن يرتفع استهلاك الكهرباء بشكل أسرع من نمو الطاقات المتجددة. وقال غرايشن: "لذلك نتوقع عموماً المزيد من الانبعاثات في 2021. ولا يمكن مواجهة ذلك إلا من خلال العمل بسرعة وفقاً لسياسة المناخ".

قد يهمك ايضا:

آلاف الألمان يتظاهرون من أجل "المناخ" أمام منجم للفحم الحجري 

أستراليا تطمئن مستثمريها بنفي حظر الصين صادراتها من الفحم