تتواصل الأحد، فعاليات ملتقى "العلم والوعي" الذي نظمته جمعية ميثاق للكفاءات التونسية، بالاشتراك مع الجمعية التونسية للباحثين الجامعيين، واتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين في محافظة المهدية (وسط تونس)، حيث خصصت فعاليات الملتقى إلى تكريم عالم الفيزياء النووية، الرئيس الأول العربي للوكالة الدّوليّة للطّاقة الذّرّيـة الدّكتور الرّاحل البشير التّركي، و لهدف تدارس سبل النّهوض بآليّات العمل الكفيلة بتطوير المشاريع العلميّة ذات الكفاءات العالية والمردود الايجابيّ، كما سيشكل الملتقى فرصة للوقوف عند الوضع الحقيقي للبحث العلمي في تونس، وتبادل الآراء والخبرات وتقديم مقترحات عملية للنهوض بالقطاع. وقد وقع الاختيار على مدينة المهدية لاحتضان المنتدى لتكريم العالم التونسي بشير التركي الذي ينحدر من نفس المنطقة، حيث شهدت فعاليات الدورة تنظيم مسابقة لاختيار أفضل فيلم قصير بشأن البحث العلمي، إلى جانب معارض صور تروي سيرة العالم التونسي الراحل وأطوار حياته بما فيها تعرضه للعديد من الصعوبات ومحاولات الاغتيال ، فضلا عن تقديم لمحة عن أهم انجازاته العلمية. وولد عالم الفيزياء النووية والمهندس التونسي البشير التركي في محافظة المهدية بتاريخ 21اذار/ مارس 1931 ودرس في المدرسة الصادقية في تونس العاصمة حيث أحرز على شهادتها عام 1949 وعلى شهادة الباكالوريا عام 1950، و انتقل بعد ذلك إلى فرنسا حيث نال إجازتين في الرياضيات و الفيزياء من جامعة تولوز عام 1954 كما تحصل على شهادة مهندس من المدرسة القومية للمهندسين بتولوز عام 1956، وعلى الدكتوراه في العلوم (فيزياء نووية) في جامعة باريس عام 1959، عاد بعدها إلى تونس التي كانت تفتقد إلى مؤسسات بحثية وجامعية, ليشارك في تأسيس الجامعة الأولى في تاريخ البلاد غير أنه سرعان ما فصل من عمله من دون سبب ، فاتجه إلى النمسا حيث التحق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد سنتين طلب منه العودة إلى تونس فأسس مؤسسة الطاقة الذرية ومركز تونس قرطاج للبحوث الذرية، وفي عام 1963 ترأس المركز العربي لتطبيق النظائر المشعة في القاهرة وساهم في تأسيس مركز تِرياست للفيزياء النظرية بإيطاليا. قبل أن يتم تعيينه عام 1966 رئيسًا لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي عام 1968 أسندت إليه رئاسة المؤتمر العالمي بمدريد لإصلاح الماء بالطاقة الذرية. وتوج مساره عام 1969 بانتخابه رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالنمسا بترشيح من قبل دول عدم الانحياز ورغم معارضة الحكومة التونسية انذاك . كما استفادت العديد من الأقطار العربية من خبرة ونبوغ العالم التونسي البشير التركي في مجال الفيزياءالنووية حيث عين عام 1973 رئيسا مديرا عاما للمؤسسة الليبية للطاقة الذرية بعد أن أسس مركز تاجورة للبحوث النووية. بالإضافة إلى إنشائه في العام 1976 مخبري الطاقة النووية والطاقة الشمسية في جامعة عنابة بالجزائر.و في عام 1981 فصل وبدون سبب من جامعة تونس إلا أن المحكمة حكمت لفائدته بإرجاعه إلى منصبه. وقررت الحكومة التونسية انذاك فصل الدكتور البشير التركي من نشاطه العلمي مباشرة بعد رجوعه من مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية , حيث فوجئ بالغاء مشروع مركز البحوث النووية وبعثرة خبرائه في مصالح أخرى مع حرق لملفات المركز ومعداته الالكترونية , وهو مااعتبره في تعليق له باكابه الذي منع من النشر" حرب ابادة للبحث العلمي بالبلاد " . ولم تخل مسيرة أول رئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية من العراقيل والمصاعب حيث روى في كتابه الذي حمل عنوان"الجهاد لتحرير البلاد وتشريف العباد" تعرضه للعديد من محاولات الإغتيال ممن وصفهم بـ"الصهاينة"، مشيرا إلى محاولات لقتله بالخارج منها واحدة بالمغرب سنة 1979، وثانية بفرنسا سنة 1981، وثالثة بالسنغال سنة 1991 ، إلى جانب اقتحام منزله في تونس أكثر من مرة والتدبير لإحراقه. كما قال المدير الأسبق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وعددا من وزرائه قاموا بإجهاض مساعيه في تطوير التكنولوجيا النووية السلمية بتونس بحجة استخدامها في التطبيقات العسكرية، متهما عددا من المسؤولين السامين بالتخطيط لأعمال إجرامية ضد الدولة والإنسانية. وتجدر الإشارة إلى أن ملتقى " العلم والوعي" الذي يكرم العالم الفيزيائي والنووي التونسي البشير التركي لم يعرف حضور أي من المسؤولين في الحكومة التونسية أو من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، على الرغم من الأهمية التي يكتسيها، فضلا عن الحضور الإعلامي الضعيف والباهت.