وقف الآلاف من المغاربة ومن جماهير عدد من الدول للتصفيق للطفل في عدد من "صالات" العرض السينمائي ومهرجانات دولية، ولكن هذا الطفل هو "مجرم مسجل خطر"، اقترف أكثر من 70 عملية سرقة واعتداء على المارة في أسابيع قليلة، وأحدث لمواطنات ومواطنين "عاهات مستديمة" في الوجه والأطراف، وأقعد آخرين على كراسي متحركة. وحَوَّلَ الطفل الذي صار شابا، والمعروف في الدار البيضاء باسمه في الفيلم السينمائي الذي شخص فيه دور البطولة، أي "علي زاوا" حياة عدد ممن سبق وشاهدوا الفيلم إلى "جحيم"، شابات مصابات في الوجه، وشباب وكهول فقدوا أطرافًا من أجسادهم، ونساء ما زالت تحت تأثير جبروته وهو يضرب بسيفه كل من حاول مقاومته، وكبح جماح رغبته في سرقة محفظة مال، أو هاتف نقال، أو حلي أو جهاز كمبيوتر محمول. وتنفست شرطة أمن الدائرة 17 في أمن حي مولاي رشيد الهامشي في الدار البيضاء الصعداء وهي تكبل النجم السينمائي الذي ظل مُطاردًا لأسابيع، قبل أن يحكم القضاء بإيداعه السجن لسنوات. اسمه الحقيقي هو مصطفى الحنصالي، ويناديه أقرانه وأفراد عصابته بـ"علي زاوا"، عمره الآن 28 عامًا، متزوج وأب لطفلة، بسط هيمنته الإجرامية على منطقة تمتد لكيلومترات وتعرف رواجًا كبيرًا، حيث إنها تحتضن أسواق الجملة الخاصة بالخضر والفواكه والأسماك ومعامل النسيج والمجازر البلدية وسوق تجارة الذهب منطقة درب السلطان، كان دوره في العمليات التي تذكرها، وعددها المحققون بـ70 جريمة في أسابيع، التخطيط وتنفيذ عمليات اعتراض المارة والتجار، وسلبهم ما في حوزتهم مع توقيع جرائمه بالضرب والجرح بالسلاح الأبيض. ومن سوء أقدار المتهم أنه اعترض مرة وكيلاً للملك (وكيل نيابة) وسلبه هاتفه النقال. وما إن جرى تنقيطه حتى امتلأت صفحته الإجرامية بكثير من السوابق، وبمذكرات بحث وطنية صادرة عن عدد من أقسام الشرطة في المغرب، وتتشابه صكوك اتهامه بين السرقة بالعنف تحت طائلة التهديد بالسلاح الأبيض والسرقات المقرونة بالضرب والجرح بالسلاح. وسقط المتهم الذي روع العاصمة الاقتصادية للمغرب بعد أن أمتعها في الفيلم المذكور الذي حاز على أكبر الجوائز السينمائية في المغرب وفي عدد من المهرجانات الدولية، وهو من إخراج المخرج السينمائي المغربي المعروف نبيل عيوش. بطل الفيلم الذي كان في الواقع طفلاً مشردًا، واختاره المخرج بين مجموعة من المشردين للمشاركة في فيلمه  الذي يتحدث عن أحد أطفال الشوارع الذي تميز برفضه للسلطة وتسلط الآخرين عليه، وكان "علي زاوا" ضمن عصابة، ولكنه خرج منها لأنه لم يستطع العيش معها، وقد تمرد على الوضع الذي كان يعيشوه أطفال الشوارع. وكان "علي زاوا" الملقب بأمير الشارع يحلم بان يصبح بحارًا كبيرًا، وأن يسكن على جزيرة مع الإنسانة التي أحبها، وبعد هذا الحلم الذي كان يود تحقيقه قتل "علي زاوا" من قبل العصابة الذي تمرد عليها. ليترك أصدقاءه الثلاثة في حزنهم ومحاولتهم تحقيق أحلام علي بعد وفاته. الفيلم تميز باللغة السينمائية بين ارتباط المشاهد وحوار الكاميرا مع الواقع، وتجسيد الشخصيات لعكس جزء من الواقع وجزء آخر من تحليل شخصية الطفل المتشرد. وصوّر الفيلم في مدينة الدار البيضاء. يتسبب مقتل علي إلى علامة فارقة في حياة أصدقائه، فيأخذون معهم الجثة، ويصبح هدفهم هو إقامة جنازة تليق بصديقهم، فيبحثون له عن لبس بحار لكي يدفن به في محاولة منهم لتحقيق حلمه الذي مات قبل أن يحققه، وتتغير حياة كل فرد منهم لكي يبدؤوا في تشكيل أحلامهم، وأن يكون كل واحد منهم رجلاً له قيمته وكرامته. ولم يتحقق حلم المخرج الحقيقي في أن يضمن لهؤلاء الأطفال مجال الاشتغال في السينما والخروج من الشارع، وها هو "علي زاوا" الذي تنبأ له الكثيرون عند مشاهدته في الفيلم بمستقبل واعد في مجال الفن السابع، يجد نفسه أمام عقوبة سجنية قد تتجاوز الـ 15 عامًا بسبب خطورة أفعاله.