الأزمة الليبية

تحوّلت ليبيا مع الوقت إلى مستنقع للتدخلات الخارجية، في ظل تنازع القوى على مناطق النفوذ في هذا البلد الغني بالنفط والشاسع بمساحته، فيما ظل الوضع الأمني في هذا البلد منذ تدخل “الناتو” عام 2011 لإسقاط نظام معمر القذافي محل تهديد بالنسبة لدول الجوار على رأسها الجزائر التي تشترك مع ليبيا بحدود شاسعة أشبه ما تُوصف بأنها واقفة على “برميل من البارود“.

بعد يوم من الخطاب الرئاسي الأول لرئيس الجمهورية الجزائرة عبد المجيد تبون الذي خصص حيزا معتبرا منه للحديث عن مواقف الجزائر من مختلف الأزمات بالأساس الجارة الشرقية ليبيا، وجّه فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، الجمعة، نداء مساعدة إلى الجزائر ودول أخرى من أجل “صد هوم قوات خليفة حفتر على طرابلس”.

وجاء في بيان للحكومة الليبية المعترف بها دوليا “وجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني السيد فايز السراج اليوم الخميس رسائل إلى رؤساء خمس دول هي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وإيطاليا والجزائر وتركيا”.

وأوضح أن الرسائل تضمنت “طلبا من هذه الدول الصديقة بتفعيل اتفاقيات التعاون الأمني، والبناء عليها لصد العدوان الذي تتعرض له العاصمة الليبية طرابلس من أية مجموعات مسلحة تعمل خارج شرعية الدولة، حفاظًا على السلم الاجتماعي، ومن أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا”.

وأكد “وشملت الرسائل أيضا دعوة الدول الخمس إلى التعاون والتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني في مكافحة المنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيمي الدولة والقاعدة اللذان هيأ لهما العدوان الفرصة والمناخ الملائمين للعودة إلى ليبيا، حيث ازداد نشاطهما منذ وقوعه”، ودعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي “إلى تكثيف التعاون في مواجهة الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الجريمة المنظمة والمتاجرين بالبشر”.

وعلى عكس إيطاليا التي ردت على دعوة فايز السراج بالتأكيد على إيمانها بالحل السياسي السلمي للأزمة في مستعمرتها السابقة، لم تردّ الجزائر لحد الساعة رسميا على هذه الدعوة، إلا أنه من المؤكد أيضا أن الدبلوماسية الجزائرية لن “تتزحزح” عن موقفها المبدئي بخصوص هذه الأزمة، أي الحل السياسي ودعوة الفرقاء الليبيين إلى التحاور مجددا من أجل إيجاد مخرج سلمي لأزمتهم، بعيدا عن الحلول العسكرية والتدخلات الخارجية.

وكان عبد المجيد تبون، قد وجه أول رسائله إلى بعض القوى الإقليمية والدولية بخصوص ليبيا، حيث أكد أن “الجزائر أول وأكبر المعنيين باستقرار ليبيا، أحب من أحب وكره من كره، ولن نقبل أبدا بإبعاد الجزائر عن الحلول المقترحة للملف الليبي”، في إشارة إلى بعض القوى الدولية التي أقصت الجزائر من المشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا، المزمع تنظيمه الشهر القادم.

ودعا الرئيس تبون “جميع الأخوة الليبيين إلى لم صفوفهم وتجاوز خلافاتهم ونبذ التدخلات الخارجية التي تباعد بينهم وتحول دون تحقيق غايتهم في بناء ليبيا الموحدة المستقرة والمزدهرة”.

في الشأن ذاته، بدأت بعض الأصوات ترتفع داعية إلى عودة الجزائر للساحة الليبية كطرف فعال، باستعمال كل أوراقها الدبلوماسية خاصة بعد انتخاب رئيس جمهورية جديد، بعد سنوات من تراجع دورها الإقليمي لصالح بعض الأطراف التي أصبحت “تلعب” في المجال الحيوي المباشر للجزائر، “، وفي هذا السياق أشار المبعوث الخاص لرئيس المجلس الرئاسي الليبي لدول المغرب العربي، جمعة القماطي، في تدوينة له على “تويتر” أن رجوع الجزائر إلى المشهد الليبي سيصد دولا عربية أخرى مؤثرة فيه.

قد يهمك ايضا

الحملة الإنتخابية لعزالدين ميهوبي كلفت 10 ملايير سنتيم

تبون يعين السيد محمد الامين مسايد أمينا عاما لرئاسة الجمهورية