الانتخابات التشريعية في الجزائر

يجمع خبراء ومحللون سياسيون على صعوبة التكهن بمن سيكتسح التشريعيات المقبلة بسبب الغموض الذي يلف خيارات الجزائريين نتيجة كثرة القوائم، لكن بالمقابل توقعوا أن تكون الغلبة للأحزاب المنظمة والمترشحين المدعومين من طرف “العروش” أو ما يعرف بـ”القبيلة”، في حين رسموا صورة مغايرة للبرلمان المقبل والذي يرتقب أن يكون مزيجا بين مختلف الأطياف والألوان السياسية التي ستغيب عنها الأغلبية النيابية لأول مرة، وفق استشرافهم.

يجزم المحلل السياسي نور الدين بكيس، على صعوبة التكهن بخيارات الجزائريين في التشريعيات المقبلة، خاصة وأن التجارب السابقة باعتراف من السلطة كانت مزورة – حسبه – لذلك ستكون هذه الاستحقاقات مختلفة عن سابقاتها، وكل السيناريوهات تبقى مفتوحة ما بين الأحزاب السياسية ذات التنظيم الهيكلي أو القوائم الحرة التي تدخل هذا السباق الانتخابي كتجربة سياسية جديدة، والأمر نفسه بالنسبة للمترشحين الأحرار الذين يعولون على القرابة العائلية أو مصطلح “العروش” أو”الزبائنية” لكسب الأصوات التي تمكنهم من ولوج مبنى زيغود يوسف.

كما يرى المحلل السياسي في تصريح لـ”الشروق” أن الإقبال الكبير على الترشح في هذه الانتخابات سيؤدي لا محالة إلى تشتيت خيارات الناخبين، لأن العرض أكبر من عدد المقبلين على التصويت، قائلا: “أتوقع أن تكون المنافسة على أشدها، خاصة وأننا نعيش في سياق سياسي لا يسمح بالتصويت على أساس البرامج الانتخابية بسبب هشاشة الأحزاب السياسية وتدجين الفضاء السياسي لفترة طويلة جدا”.

ويعتبر نور الدين بكيس “أن الجزائري في هذه الانتخابات سيجد نفسه أمام اختيار الأفراد أكثر من البرامج والمشاريع”، مصرحا: “لا توجد ثقة في المؤسسات الحزبية، فهناك بحث عن اختيار الأشخاص المناسبين لأسباب متعددة منها نزاهة هذا الأخير، أو بحكم القرابة الشخصية، وهو الأمر الذي يضعنا، يضيف الأستاذ بكيس، أمام سيناريوهين، الأول متشكل من مجموعة أشخاص دون غطاء سياسي أو حزبي كبير، ينشطون بصفة كبيرة في المجتمع ولديهم نزعة فردية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تشتت الأصوات بينهم ما يعطي الأفضلية للأحزاب السياسية المهيكلة ولو على صغر حجمها، لأن المثل يقول “كلما تفرقت ضعفت”.

في حين يعطي السيناريو الثاني الأفضلية إلى المترشح الذي يعتمد على العشائرية أو الزبائنية، وهي فكرة شائعة ومتجذرة خاصة في المناطق الداخلية، لأن هذا النمط التقليدي مبني على أساس الجماعة، بسبب المنفعة والثقة في نفس الوقت.

في حين يرى -محدثنا- أن البرلمان المقبل في ظل التشتت القائم سيكون ضعيفا، لأن السلطة – حسبه – تراهن على مخرجات انتخابية نزيهة، تفضي لا محالة إلى تشكيل برلمان ليس بحجم تطلعات الجزائريين، خاصة وأن الحراك الشعبي ساهم بصفة كبيرة في تكسير أرضية النخب الحاكمة .

من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي، عامر رخيلة، أن الأحزاب السياسية المنظمة والمهيلكة ستنال نصيبها في التشريعيات المقبلة، لأن العملية الانتخابية – حسبه – احترافية والتشكيلات الحزبية لديها باع كبير في هذه الانتخابات عكس القوائم الحرة والتشكيلات التي تدخل هذا الاستحقاق السياسي لأول مرة.

وأشار في تصريح لـ”الشروق” أن عامل المال سيكون له تأثيره في العملية الانتخابية، وسيقول كلمته رغم محاربة قانون الانتخابات الجديدة لهذه الظاهرة.

ومن العوامل التي يمكنها أن تساهم في فوز المترشحين نجد قضية “العروشية والقبلية”، المنتشرة في العديد من مناطق الوطن، والتي من شأنها المساهمة في الرفع من حظوظ المترشحين.
وبخصوص تشكيلة البرلمان المقبل قال – محدثنا – أنها ستكون متنوعة ومختلفة الأطياف، مشيرا إلى أن زمن الأغلبية البرلمانية لن يكون في الهيئة التشريعية المقبلة لعدة اعتبارات، خاصة وأنها لا تعكس إرادة السلطة.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي عبد الرحمان بن شريط في تصريح لـ”الشروق”، أن الحملة الانتخابية التي أسدل الستار عليها كانت شعبوية بامتياز سواء بالنسبة للأحزاب السياسية أو القوائم الحرة، معترفا بصعوبة تحديد الفائز في هذه الانتخابات، خاصة وأن المعطيات الحالية تختلف عن سابقتها، في ظل تراجع الأحزاب التي كانت تشكل الأغلبية البرلمانية في وقت سابق، في حين يرى أن تشكيلة البرلمان المقبل ستعكس الإرادة السياسية لاسيما ما تعلق بفئة الشباب والنساء، حيث ينتظر وجودهم بقوة في الهيئة التشريعية المقبلة مقارنة بالبرلمانات السابقة، والأمر نفسه فيما يتعلق باللون الحزبي الذي سيكون متنوعا وملفتا للانتباه.

قد يهمك ايضاً

الأحزاب السياسية في البلاد تنتقد تطبيع المغرب مع الصهاينة

رؤساء الأحزاب السياسية في الجزائر يجمعون على أهمية الدستور المطروح للاستفتاء