مصرف ليبيا المركزي

عبّرت الولايات المتحدة، ودول أوروبيّة، في بيان مشترك السبت، عن القلق العميق تجاه العنف في ليبيا، محذّرة من أنَّ البلاد تقف على مفترق طرق، بين مواصلة الطريق نحو تحوّل سياسيّ، أو السقوط في هوّة الفوضى والانقسام والعنف و"الإرهاب"، يأتي هذا فيما تظاهر مئات آلاف الليبيين، في مدن عدّة، لاسيما طرابلس، وبنغازي، تأيّيدًا لعملية "الكرامة" التي تشنّها قوات تابعة للقائد السابق للقوات البرية في الجيش الليبي اللّواء المتقاعد خليفة حفتر، ضد الجماعات المسلحة المتطرفة.
وأشار البيان المشترك، الذي صدر الجمعة، إلى أنَّ "الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة يشعرون بقلق بالغ من أعمال العنف المستمرة في ليبيا، داعية الأطراف كافة إلى اعتماد الحلول السياسيّة".
وأكّدت الدول الموقعة على البيان "دعمها لعملية مصالحة شاملة، تحت إشراف الأمم المتحدة"، محذّرة من أنَّ "الانقسامات المستمرة بين الليبيين ستؤثر بصورة كبيرة في قدرة المجتمع الدولي على تقديم المساعدة".
وفي سياق متّصل، اتّخذ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الموقف نفسه، حيث عدَّ، في كلمة ألقاها في مؤتمر موسكو الثالث للأمن الدولي، أنَّ "الوضع في ليبيا يثير قلقًا متزايدًا".
وأضاف لافروف "لا أحد من أصدقاء ليبيا يستطيع إخراج البلاد من هذه الأزمة وحده"، محذّرًا من أنَّ "تفكك ليبيا سيؤدي إلى ظهور بؤرة جديدة للتوتر، ومصدر دائم للمخاطر، في منطقة الصحراء والساحل".
جاء ذلك فيما استعاد آلاف اللّيبيّين ذاكرة المظاهرات الشعبيّة الضخمة، حيث احتشدوا أمام ساحة فندق "تيبستي"، وسط بنغازي، التي تعدُّ عاصمة الثورة، ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام القذافي، بالتزامن مع تجمع أعداد كبيرة في ميدان الشهداء، وسط العاصمة طرابلس، رافعين شعارات التأييد لحفتر، ومردّدين الهتافات الموالية له، وسط إجراءات أمنية مشدّدة.
ونشرت مديرية أمن طرابلس نحو 1800 رجل أمن، بالزي الرسمي والمدني، في إطار خطّة تأمين المظاهرة، فيما أكّد المشاركون أنَّ "المظاهرة موجهّة بالأساس إلى المتطرفين في ليبيا، وتبرز الدعم الشعبي لعملية الكرامة، التي يقودها حفتر".
وبيّن رئيس مجلس طرابلس المحلي، المحسوب على التيّار الإسلامي، السادات البدري، أنَّه "استقال إثر قرار رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) نوري أبو سهمين، والقائد الأعلى للجيش الليبي، باستدعاء الدروع إلى طرابلس، دون التنسيق مع المجلس المحلي لمدينة طرابلس الكبرى".
وانتقد البدري أداء حكومة الثني، واتهمها بهدر أموال اللّيبيّين، وعدم قدرتها على اعتقال من قام بإطلاق الصواريخ العشوائيّة على السكان في طرابلس، على الرغم من علمها بمن هدّد بإطلاقها.
ووصف ما تعرضت له مدينة طرابلس، ليلة الثلاثاء الماضي، إثر سقوط أكثر من أربعة صواريخ "غراد" على السكان، بـ"العمل الإجرامي"، مضيفًا أنَّ "هذا السلاح يستخدم في الحروب المفتوحة، وعمليات المسح، ويعدُّ بكل المقاييس الدوليّة جريمة ضد الإنسانيّة".
ومن جهته، أعلن المجلس العسكري الأعلى للجيش الوطني، بقيادة حفتر، في بيان تلاه الناطق الرسمي محمد حجازي عن أنَّ "عملية الكرامة هي لكل اللّيبيّين، وتهدف إلى القضاء على الإرهاب والعصابات الخارجة عن القانون".
وأبرز أنَّ "الجيش هبَّ لتقديم نفسه فداء للشعب اللّيبي"، مشيرًا إلى أنّه "لا مكان في بلادنا للإرهاب باسم الدين، ولا لمن يكفّرنا، بل نسعى إلى دولة مدنية ديمقراطية".
في المقابل، أكّد النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني صالح المخزوم أنَّ "المؤتمر تسلم عددًا من المبادرات المتعلقة بالوضع الراهن، الذي تمرُّ به ليبيا، سواء من الحكومة، أو منظمات المجتمع المدني، أو النخب السياسيّة"، مشيرًا إلى أنَّ "انتخاب مجلس النواب، الذي سيتسلم السلطة من المؤتمر، سيجري في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو المقبل".
وأعرب عن "استغرابه من اتهامات وزير الثقافة الحبيب الأمين للبرلمان، بشأن تعطيل عمل الحكومة، وانحيازه إلى كتائب معيّنة"، موضحًا أنَّ "المؤتمر شدّد في قرارات متعلقة بإخراج كل الكتائب المسلحة من المدن، وضمها تحت رئاسة الأركان، قبل نهاية العام الماضي، على استخدام القوة في مواجهة الكتائب غير الشرعية، إلا أنَّ الحكومة أخفقت في تنفيذ هذه القرارات".
وانتقد عجز الحكومة عن تقديم تقارير وتحقيقات وأسماء من يقوم بالاغتيالات و"الإرهاب" والاعتقال في ليبيا.
وفي سياق منفصل، استقال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط نوري بالروين من منصبه، وعُيّن مكانه أحد أعضاء مجلس الإدارة، في حين نفى الناطق باسم المؤسسة أية علاقة لهذا القرار بالأزمة السياسيّة في البلاد، فيما طمأن مصرف ليبيا المركزي، المواطنين، بشأن توفّر السيولة المالية لدى فروع المصارف التجارية في ليبيا.
وأكّد البنك المركزي اللّيبي، في بيان له، أنّه "على استعداد لسد الاحتياجات المستقبلية للمصارف التجارية، في مختلف أنحاء ليبيا، عبر فروع المصرف المركزي".
وأبرز المصرف أنّه "مؤسسة مالية سياديّة، تؤدي عملها بمهنية كاملة، وفق القوانين السائدة، ويحظى باحترام المؤسسات الدوليّة، وينأى بنفسه عن أيّ تجاذبات سياسيّة"، مؤكّدًا أنّه "سيستمر في القيام بدوره لتأسيس دولة القانون، ومواصلة مساعيه في مكافحة الفساد".
يأتي هذا فيما قصف مجهولون في مدينة بنغازي معسكر القوات الخاصة، بثلاثة صواريخ "غراد"، لكنها سقطت في ساحة المعسكر، ولم تسفر عن سقوط ضحايا.
وأصيب 20 مدنيًا بجروح، إثر سقوط قذيفة على أحد المنازل في بنغازي، في حي أبو هديمة، على بعد بضعة كيلومترات من المقر العام لوحدة من نخبة الجيش النظامي الليبي، الذي أصيب أيضًا بقذيفة، لم تخلّف ضحايا.