حفل توزيع جوائز الأوسكار

يحتفل السينماتيك حاليا بالذكرى الخمسين لتتويج الجزائر بجائزة الأوسكار من خلال فيلم "زاد" لكوستا غافراس، وهي الجائزة الأولى من نوعها في إفريقيا والعالم العربي. وبالمناسبة تم إطلاق عرض الفيلم على موقع السينماتيك على الأنترنت، مع إضافة شهادات منتجه السيد أحمد راشدي متعلقة بظروف التصوير والتتويج.

أشار مدير السينماتيك سليم أقار في كلمة نشرها على الموقع بالمناسبة، أشار إلى برمجة احتفالية خاصة ولقاءات مع الجمهور، لكن ظروف الحجر على إثر انتشار وباء كورونا، حالت دون ذلك، إلا أن هذا لا يعني حرمان الجمهور وعلى نطاق واسع، من هذه الرائعة السينمائية وهذا الانتصار السينمائي للجزائر، علما أن طلبة جامعيين كانوا طالبوا بعرضه خلال أشهر الحراك الشعبي، وكان لهم ذلك، واكتشافه من طرف الجمهور الواسع. كما بادر السينماتيك بعرضه سنة 2018 بمناسبة ترميمه. واستُضيف مخرجه، الذي تُوج بأوبيرا الجزائر بوسام الاستحقاق الوطني بدرجة أثير.

يُذكر أن استقبال النقاد العالميين الفيلم وقت عرضه الأول، كان استقبالا احتفاليا. وكان الاختبار الحقيقي للفيلم عندما عُرض بالولايات المتحدة.

وكتب الناقد الأمريكي الشهير روجر إيبرت في 30 ديسمبر 1969 في صحيفة "شيكاغو صن تايمز" عن الفيلم يقول: "إنه فيلم عصرنا.. إنه يصور كيف يمكن تخريب انتصارنا الأخلاقي". ويمضي إيبرت قائلا إن كوستا غافراس، مثله مثل جيلو بونتيكورفو (مخرج فيلم "معركة الجزائر")، يحافظ على وجهة نظر تتجاوز مستوى الأحداث التي يصورها. أما الناقد بوب ويستال فكتب يقول: "إن "فيلم "زاد" هو واحد من أهم الأفلام السياسية في كل العصور".

لقد أصبح "زاد" علامة في تاريخ السينما؛ فقد خرجت من معطفه عشرات الأفلام التي تتناول مواضيع سياسية، تتبع نفس الأسلوب الذي يقوم على دراما التشويق والمطاردة والبحث والتقصي.

موجة السينما السياسية الإيطالية في السبعينيات اقتفت آثار "زاد" في أفلام مهمة، مثل "تحقيق مع مواطن فوق مستوى الشبهات" لإيليو بتري، و«قضية ماتيه" و«جثث أصحاب السعادة" لفرنشيسكو روزي، و"اعترافات ضابط شرطة" لداميانو دامياني، و"افضح المتوحش في الصفحة الأولى" لماركو بيللوكيو.. وغيرها.

واقتبست السينما المصرية أيضا فيلم "زاد" في فيلم "زائر الفجر" (1973) للمخرج الراحل ممدوح شكري، الذي قام ببطولته عزت العلايلي في دور محقق نيابة، يحقق في جريمة قتل صحفية تجرأت وتعمقت في البحث عن جوانب للفساد في المجتمع. ووقف السيد أقار عند بعض هذا التاريخ، منه لحظات تتويج الفيلم بهوليوود في الدورة 42 لجوائز الأوسكار، وكان ذلك بالضبط في 7 أبريل 1970 بلوس أنجلس. وقد سلّمت الجائزة النجمة الإيطالية كلوديا كاردينال بحضور النجم كلينت استيوود، وتَسلمها المخرج والمنتج أحمد راشدي.

وأكد أقار على أن الكثيرين عندنا اليوم لا يعرفون أن الجزائر حصدت أيضا جائزة "غولدن غلوبس" لأحسن فيلم أجنبي. وهذه الجائزة تقام لها مراسيم احتفال تسبق الاحتفال الرسمي لجوائز الأوسكار، وهي تنظم سنويا منذ سنة 1944 من طرف "هوليوود فورين براس". وتقام "غولدن غلوبس" في 2 فيفري، وكانت سنة 1970 في عامها 27، وتوجت "زاد"، وهو ما أعطاه دفعا قويا لتتويجه كأحسن فيلم أجنبي في الأوسكار (بعد شهرين من ذلك).

وكتب أقار يتساءل: "أي دور للجزائر من خلال هذا الفيلم السياسي؟ وكيف وجدت الجزائر نفسها في هذا الإنتاج المشترك، الذي لا يعكس الواقع ولا التاريخ الجزائري؟ فهو فيلم ذو مدلول سياسي محض، وهو اقتباس سينمائي عن رواية تحمل نفس العنوان لصاحبها اليوناني فاسيليس فاسيليكوس، كُتبت مباشرة بعد اغتيال نائب يوناني هو قريقوريس لامبركيس بمنطقة تيسانوليك في ماي 1963، وقاضي التحقيق هو خريستوس سارتز الذي يصبح بعدها رئيسا للجمهورية اليونانية من 1985 حتى 1990.

ويكتشف المخرج كوستا غافراس هذه الرواية خلال إجازته باليونان. وفور عودته إلى فرنسا يلقى الدعم من اتحاد الفنانين، ويشرع في تحويل الرواية إلى سيناريو بالتعاون مع جورج سابران والمنتج هركول موشييلي. ويقرر إطلاق توزيع الفيلم بفرنسا، وينجح في عمله، علما أنه جمع ألمع النجوم للمشاركة في الفيلم، منهم إيف مونتون وجون لويس ترانتيسيون وإيلان باباس.

وبالنسبة للتمويل يقول أقار إن المخرج اتصل ببعض الأصدقاء والمنتجين منهم جزائريون، ليقرر التصوير بالجزائر. واقتنع بالفيلم أحمد راشدي، وأصبح الشريك المنتج لذلك، تسلّم جائزته في الأوسكار.

ومنذ سنتين أكد كوستا في لقائه مع التلفزيون الجزائري، أنه تحصّل على الموافقة من الراحل بومدين، وكذلك روى بالتفصيل ظروف العمل في كتابه "اذهب حيث يمكنك الذهاب"، مشيرا إلى أن صديقه الممثل جاك بيران، هو من كانت له علاقاته الوثيقة بالجزائر، وكان حينها صوّر فيلما وثائقيا عن التجارب النووية الفرنسية برقان، لذلك رافق كوستا في لقاءاته مع المسؤولين الجزائريين، وكان وسيطه عندهم، وكان منهم لخضر حامينا (شريك بيران)، ثم قابل شريف بلقاسم وزير الاقتصاد حينها، الذي قدمه بدوره لوزير الاتصال بن يحي، الذي قال لكوستا في مكتبه: "يمكنك التصوير عندنا، ونعطيك تقنيّينا وكل الوسائل والتصريحات والإقامة في الفنادق لكن بدون مال؛ فنحن لا نملكه"، ثم أعطى الرئيس بومدين موافقته بعد قراءته ملخص السيناريو، ثم قال: "تريدون فيلما عن انقلاب عسكري، لكننا نحن أيضا عسكريون لكننا ثوار"، وكان موقف الجزائر رافضا حينها لانقلاب اليونان والحكم الاستبدادي فيها.

وصُور الفيلم في وقت كانت فرنسا تعيش ظروفا حرجة مع مظاهرات الطلبة بباريس، لذلك تعطل التصوير هناك. أما في الجزائر فقد تم التصوير بساحة أودان وفندق الجزائر وبالمسرح الوطني ومحكمة "عبان رمضان"، مع مشاركة كوكبة من الفنانين الجزائريين، منهم حسن الحسني وسيد أحمد أقومي وحبيب رضا وعلال المحب، وبمساهمة تقنيين جزائريين، منهم لغواطي وبن ددوش ومراد بوشوشي وطيب لعموري وسيدي بومدين دحمان.

الفيلم شارك أيضا في مهرجان كان دورة 1969، وحاز على أحسن أداء للرجال، وعلى جائزة لجنة التحكيم.

قد يهمك ايضا :

كوستا غافراس ضيف شرف في فئة "كان كلاسيكس"

الأوسكار تتبرع بـ 6 ملايين دولار لمتضرري قطاع السينما