جانب من الخزف المراكشي

يتميّز الفخار المراكشي بقصة تاريخية، تربطه مع العصور القديمة، فهو منطلق الحياة التي يعتمدها الإنسان، حيث يجمع التزاوج بين الماء والصلصال، ويؤدي إلى ولادة أشكال جميلة تتغير وتتطور، كي تأخذ شكلها الأخير، بفضل الخزفي، وإبداعه، الذي يحوّل مادة عاقة إلى أشياء ضرورية ونفعية، أو تحف تحمل طابع وسمات صانعيها، ومستعمليها في الحياة اليومية، فضلاً عن اعتمادها في تصميم المنازل الداخلي.
وكانت حرفة صناعة الخزف ترتبط بالمرأة أكثر من الرجل، حيث تقوم المرأة بنفسها بصناعة الصحون والجرار والمزهريات، وغيرها من الأشياء المنزلية، التي تستخدمها داخل المطبخ، وهي تستعمل في ذلك دولابًا بسيطًا، كما أنها قد لا تستعمله إطلاقًا، مستخدمة بذلك تقنيات متوارثة عن الأجداد.
وتوظف المرأة أشكالاً بسيطة، تنتمي للموروث البربري الذي تتميز به المدينة الحمراء عن غيرها، حيث تستخدم ألوانًا جميلة تزين بها المصنوع، بكل دقة وذوق رفيع، وتعتمد على الأسود والأحمر والأبيض في رسم الزخارف، التي تختلف من قبيلة إلى أخرى، والتي بواسطتها يمكن للشخص أن يتعرف على أصل التحفة.
وعرفت صناعة الخزف تطورًا، كباقي الأشياء التقليدية التي تطوّرت في المدينة، إذ أصبحت من اختصاص الرجال، مع الاحتفاظ بأصالته وجماليته، التي تمنحه الرونق الرائع.
ويراعي الخزّاف الجمال في التحف، ويعتمد على زركشتها وتزيينها بأشكال مختلفة، بغية أن تكون محط أنظار وإعجاب الجميع.
ويتميز الخزف المراكشي برسومات تبرز دقة الصانع وموهبته في التلوين والتزيين، حيث يعتمد أشكالاً بمجرد النظر إليها تعرف أنها من مراكش، كاعتماد الخطوط العربية، والتشابك النباتي والهندسة المعمارية، التي تميز مراكش، وكذا المزج بين الزوايا والأقواس والأسوار، وأشجار النخيل، وهي ملامح لا يمكن أن تجدها إلا في المدينة الحمراء.
وعلى الرغم من أن مدينة آسفي تعدُّ من أشهر المدن المغربية التي تمتاز بهذه الصناعة التقليدية، إلا أنّ مراكش تبقى من أكثر المدن التي تعرف إقبالاً عليها، من طرف السياح الأجانب والمغاربة، وكذا سكان المدينة.