الشيخ محمد ولد الكرد

يحنُّ رئيس جمعية "أحباب وتلاميذ حسان العنابي" الأستاذ لخضر بوبكر إلى صوت عملاق الطرب الأندلسي الشيخ محمد ولد الكرد، الذي ما زالت اسطواناته حاضرة بقوّة في الذاكرة الشعبيّة الجزائريّة.
واعتبر بوبكر أنَّ "مدنًا مثل قسنطينة، وعنابة، وتلمسان، وكذلك العاصمة، خرجت عن عزلتها الثقافية، عبر صوت ولد الكرد، الذي أثّر في أعمال الفنان الكبير عيسى الجرموني، حيث كان كثيرًا ما يقتبس منها".
وأوضح أنَّ "ولد الكرد اعتمد، أثناء غنائه، على آلة الفحل أو الزرنة، وكذلك الدربوكة والبيانو، والعود، كل هذه الآلات أعطت لصوته الدافئ قوّة في الموسيقى، وتفاوت في الطبقات والأداء".
وأبرز بوبكر أنَّ "ما ميّز غناء شيخ الكرد هو احتكاكه بالفنانين القدماء في سورية، حيث كانت فترة تجنيده الإجباري فرصة له ليأخذ أنماطهم الموسيقية، كالوصلات والموشحات والمعزوفات، والمقامات العربية، والتمرن قدر المستطاع على آلتي العود والكمان، ومطولات كبار الشعراء، كقصائد أبي فراس الحمداني، وأبي العلاء المعري، والبوصيري، ومحمود سامي البارودي، والشاعر الكبير أحمد شوقي".
لفت إلى أنَّ "شيخ المالوف العنابي ولد الكرد تأثّر بالأستاذ محمد عبد الوهاب، وهذا يدخل في تكوين شخصيته الموسيقية، من خبراته في ميدان المالوف".
وأضاف "في 1925، عاد ولد الكرد إلى الجزائر، وعمل على تأسيس جوقه الخاص، مع بعض أصدقائه، من بينهم عبد العزيز ميمون على الإيقاع، وسيفي حسن، الملقب بالشيخ سفان، على آلة الكمان، ومشيشي محمد على آلة العـود، وسي محمد بن دندان على آلة الطار".
وأردف "غير أنَّ هذا الجوق لم يكن قارًا، فكثيرا ما كان يدخل عليه بعض التغييرات، ومنهم على آلة الكمان سي محمد بن مكروهة، وريمون برامينو، وعلى آلة العود إبراهيم سطمبولي عجيب، وسي الصادق الأرقش، وعلى آلة النفخ قارها بيشي، ومحمد بناني، وعبد الحميد خمار، وعلى آلة الطار سمار نور الدين، وبوشمال.
يذكر أنَّ الشيخ ولد الكرد سجّل 75 أسطوانة، 10 منها في عام 1934، ومثلها في 1937، فضلاً عن 21 في عام 1938، واختتم مرحلة أعماله الأولى في 1939، بتسجيل 8 اسطوانات.
وتوفي ولد الكرد في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1951، بعد صراع مع المرض، ومنذ ذلك الوقت بقيت اسطوانات هذا العملاق حاضرة بقوة في المقاهي الشعبية، والأحياء العتيقة، منها المدينة القديمة بلاص دارم، مسقط رأسه، التي تشهد له.
وميّزت قوة الأداء والصوت الشيخ ولد الكرد، الذي أخذ، منذ طفولته، على متابعة الحفلات والأعراس التي كانت تقام وقتها في أحياء المدينة، والتي كانت تحيها فرق "القادرية" و"العيسوية".