خطورة تعقيم المنزل وتنظيفه على صحة الأطفال

يعتقد الآباء والأمهات أن مفتاح الحفاظ على صحة أطفالهم هو تعقيم منازلهم وتنظيفه باستمرار من البكيتريا والجراثيم، ولكن وفقًا لدراسة حديثة، إن ذلك خطأ تمامًا، حيث يقول الدكتور جون جيلبرت والدكتور روب نايت، وهما اثنان من علماء الميكروبيوم، في كتاب "Dirt Is Good"، أن الجراثيم مفيدة لنمو وتطوير الجهاز المناعي للأطفال.

وشرح المؤلفان، الدليل على أن الجراثيم والأوساخ يمكن أن تحمي الأطفال ضد الأمراض، بل وأن أنماط حياتنا داخل المنزل والروتين اليومي القائم على التنظيف باستمرار يمكنه أن يضعف أجهزة المناعة لديهم، موضحان من خلال الكتاب الذي شارك في تأليفه مراسلة نيويورك تايمز في مجال العلوم، ساندرا بلاكيسلي، فرضية التنظيف المستمر الشائع.

وكشفت الفرضية، أن التعرض للجراثيم والكائنات الحية الدقيقة في مرحلة الطفولة المبكرة هو جيد بالنسبة لنا لأنه يساعد على تطوير جهاز المناعة، مشيرة إلى أن حالات الإكزيما والربو وحمى القش "حساسية التهاب الأنف"، ومرض السكري، قد زادت لدى الأطفال الذين نادرًا ما يلعبون وسط الطين أو مع الحيوانات الأليفة، إذ أن الجهاز المناعي لدى الأطفال لا يتدرب على كيفية التحكم في رد الفعل ضد الجراثيم أو البكيتريا التي تهاجم الجسم يوميًا، كالأتربة، بدون التعرض المبكر للأوساخ والجراثيم.

ومن المقرر إصدار كتاب "Dirts Is Good" في 6 يونيو/تموز من هذا العام، فيما أكد الدكتور جيلبرت، أنه على مدى الأعوام الـ150 الماضية، والتي بدأ فيها البشر بفهم أضرار الميكروبات التي تسبب الأمراض، أصبح هناك محاولة دائمة لتخليص أجسادنا من أي نوع من الفطريات، فيروس أو بكتيريا، وأدى ذلك إلى زيادة في ممارسات النظافة باستمرار، كغلي الماء قبل الشرب وبسطرة الحليب، ما ساعد على صد عددًا من الأمراض، ولكن ما زال يعاني الأطفال الذين يكبرون في منزل نظيف من عواقب سلبية.

وفي دراسة نشرت عام 2016 في مجلة "نيو إنجلاند للطب"، كشفت مقارنة بين الأجهزة المناعية لأطفال جماعة "الأميش" المنتشرون في الولايات المتحدة وكندا، الذين يعيشون في مزارع صغيرة، وأطفال جماعة "Hutterite "الذين يتشابهون وراثيًا مع "الأميش" ولكنهم يكبرون في حقول صناعية كبيرة.

وكان أطفال الأميش، الذين كانوا يعيشون في بيئات وصفت بأنها "غنية بالميكروبات"، أو مليئة بالغبار والأتربة، لديهم معدلات منخفضة للغاية من مرض الربو، ما يؤكد على نتائج الأبحاث السابقة، وأوضحت الدكتورة مارشا ويلز كارب، أستاذة الصحة البيئية في كلية بلومبرغ للصحة العامة في جامعة جونز هوبكنز، لصحيفة "نيويورك تايمز": "كنا نعيش في بيئات أكثر غبارًا على الرغم من أن المنازل أكثر نظافة، والبيئة المبنية تحتوي على العديد من المواد الكيميائية والجسيمات المحمولة جوًا".

وأضافت ويلز:''أنت ترفض الخروج من المنزل وتعريض طفلك للعدوى، خوفًا عليه، فإنك تضره أكثر، إذ أن تلك البيئة المعقمة في المنزل لا تطور جهاز المناعة لديه بشكل طبيعي، ويضعه في خطر الإصابة بأمراض المناعة".

بينما أضاف الدكتور جيلبرت، أن الأبحاث تشير إلى أن التعرض المبكر للميكروبات ليس فقط يساعد في تطور جهاز المناعة، ولكنه أيضًا يساعد على نمو الغدد الصماء بشكل طبيعي، والجهاز العصبي للطفل، ووجدت دراسة نشرت الأسبوع الماضي، من جامعة ألبرتا في كندا، أن التعامل مع الحيوانات الأليفة في عمر مبكر يخفض من خطر السمنة ويؤدي إلى خفض حالات الإصابة بالحساسية، بالإضافة إلى خلق مناعة في وقت مبكر ضد الأوساخ والبكتيريا.

ووفقًا لدراسة أخرى نشرت في العام الماضي، كشفت الدكتورة ماريا غلوريا دومينغويز-بيلو، أن معظم البكتيريا في حوض الأمازون في أميركا الجنوبية وجدت في المناطق الريفية والأكواخ المرتبطة بالبيئة المحيطة، موضحة أن المنازل هناك متقاربة ومغلقة، ما يصعب استبدال الهواء الداخلي بالهواء الخارجي.

وبينت الدراسة، أن ما يحدث هو أنهم لا يتعرضون للبكتيريا الموجودة في البيئة الخارجية، لذلك يصبح المصدر الرئيسي للبكتيريا في المنزل هي بشرة الإنسان، ولذلك اقترح الدكتور جيلبرت تثقيف الآباء بشأن أنواع التعرض للبكتيريا التي تكون مفيدة في تطوير جهاز المناعة، نظرًا لطبيعة أطفالهم ومجتمعاتهم.