بغداد ـ جعفر النصراوي هاجم ، الأربعاء، "جيش العشائر" الذي شكله المعتصمون في المحافظات الغربية والشمالية، واعتبره "ميليشيات تموّل من الخارج لتنفيذ أجندات معروفة". وقال المالكي، خلال مؤتمر للعشائر عقد في مبنى وزارة الداخلية في بغداد، الأربعاء، بحضور عدد من شيوخ عشائر من أنحاء العراق كافة، "إن المستقبل نستكشفه من مواقفكم، ولن تخب أمالنا فيكم لأنكم تشكلون ضمانة حقيقية لحماية العراق من العابثين، وهذا ما أثبتموه في المواقف الصعبة التي وضعنا فيها"، فيما وصف الوضع في العراق بـ"السفينة التي تتلاطم في بحر من الفتن والأمواج الضارية، ونحتاج للخروج من هذه المحنة إلى الوحدة والتلاحم والأخوة، وهذه المعاني يعرفها جيدًا أبناء القبائل والعشائر، لأنهم يدركون أن البلد إذا ضاع فقد ضاعت الكرامة والعزة والمستقبل، وما نشهده من بناء وقضاء على الميليشيات والاجتماع والالتفاف حول كلمة واحدة هو وقفة من أبناء العشائر العراقية الغيارى الذين اختصروا الزمن وواجهوا الخارجين عن القانون وأعطوا درسًا ينبغي ألا ينسى، فهو إضافة إلى موقف القوات المسلحة يعد أفق من أفاق مواجهة التحديات التي واجهت البلاد وخروجه من حرب طائفية قذرة، وأن ما يمر به العراق والمنطقة يتطلب منا عدم الوقوف وقفة العاجز، أن الأوضاع التي كان يمر بها العراق كانت من داخله، أما الأن فهي تمثل إفرازات خارجية من المنطقة، ويجب أن نتصدى إلى هذه الرياح التي تنشر الطائفية وتجلب لنا من خارج البلاد"، لافتًا إلى أن "الطائفية هي المركب الذي يصعده أعداءنا اذا ما أرادوا حربنا، ويجب علينا جميعًا أن نقول لهم إننا لسنا معهم في هذه الحرب والمعركة التي تخطط لها عقول ملغومة وأصابع سوداء تريد أن تصطبغ بدماء كرامتنا".
وبشأن تشكيل المعتصمين في محافظة الأنبار "جيش العشائر"، تساءل المالكي، "لماذا نسمع هذه الأصوات من ساحات الاعتصامات، فمن أين جاء هؤلاء ومن جاء بهم؟ ولماذا الآن خرجوا؟ وماذا يمثلون؟ ومن أي بوابة دخلوا ومن استجاب لهم ومن يمولهم؟ ومن أين يأتون بأسلحتهم"، مؤكدًا أن من "تصدى لهم هم أصحاب العشائر الذين عبروا عن وحدتهم وقالوا لهم قفوا عند حدكم، ومنعوهم من الخروج عن الدولة والجيش الذي يمثل عزة البلد وباسط الأمان فيه"، مضيفًا أن "من سمى جيش الميليشيات بجيش العشائر، فقد أساء للقبائل، لأن فكرة تأسيسه وتمويله أتت من الخارج لتحقيق مطامع خارجية، ولولا حرصنا على الدم العراقي، ولأننا نريد حل الأمر بالحكمة، فأنتم لا تشكلون شيئًا في مواجهة الحكومة والجيش العراقي".
ولفت رئيس الحكومة إلى أن "البعض يتهم الجيش والقوات المسلحة العراقية بأنها ميليشيات، فكيف يوجهون هذه الاتهامات الباطلة، في وقت يستعرضون قوتهم العسكرية في ساحات التظاهر ويبيعون ويشترون بالأسلحة"، مضيفًا أن "البعض كان يطالب بالأمس بحقوق الصحوات، ونحن نؤكد بأننا لن نتخلى عنهم فهم وقفوا مع العراق في ظروف صعبة، والآن أيضًا يقفون مع الجيش العراقي، مما تسبب في تبدل المواقف، فالبعض يقول الآن بسفاقة اقتلوا الصحوات واستهدفوهم".
وسبق لرئيس الحكومة نوري المالكي، أن أكد السبت الماضي، أن عودة الطائفية للعراق مخطط لها من الخارج و"لم تكن صدفة"، وجدد تحذيره أن الفتنة إذا اشتعلت "لن ينجو منها أحد"، وفيما اتهم بعض السياسيين بـ"ركوب" موجة الطائفية "لأغراض شخصية"، واتهم فضائيات مسخرة لعلماء بـ"بث سموم" طائفية في البلاد، داعيًا المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار إلى إصدار توجيهات لمحارية هذه "الآفة".
وأعلن معتصمو محافظة الأنبار، الجمعة 26 نيسان/أبريل 2013، عن "تشكيل جيش العشائر" في الأنبار و"المحافظات الستة" وطالبوا بـ"الإيقاف الفوري" للعمليات العسكرية من قبل الحكومة المركزية، و"إحالة رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد القوات البرية" إلى "المحاكم الدولية"، فيما أكدوا من جهة أخرى على وجوب المحافظة على "سلمية الاعتصامات"، و"السلم الأهلي" وعدم السماح لأي جهة مسلحة بـ"النزول إلى الشارع"، وتوجيه دعوة إلى "عشائر الجنوب" لـ"سحب أبنائها" من الجيش والشرطة الاتحادية في المحافظات الستة مهددين بـ"عدم تحمل مسؤوليتهم عشائريا" في حال تعرضوا لأذى.
وتشهد البلاد منذ حادثة اقتحام قوات الجيش العراقي في 23 الشهر الماضي، ساحة اعتصام الحويجة، التي أسفرت عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 163 من المعتصمين، وفقدان واعتقال مئات آخرين، اضطرابات ومواجهات واسعة النطاق بين رجال العشائر والقوات الحكومية في كركوك والموصل وصلاح الدين وديالي، وكان أبرز تلك الأحداث مهاجمة مسلحين، السبت الماضي، سيارة مدنية يستقلها 5 من عناصر الجيش العراقي، يعتقد أنهم كانوا في إجازة ومتوجهين إلى منازلهم قرب ساحة اعتصام الرمادي، مما أسفر عن مقتل أربعة منهم وإصابة الخامس بجروح متفاوتة.
وأثارت حادثة مقتل الجنود الأربعة، ردود فعل كبيرة، إذ هدد رئيس الحكومة نوري المالكي، في اليوم ذاته، بعدم السكوت على ظاهرة قتل الجنود قرب ساحات التظاهر، داعيًا المتظاهرين السلميين إلى "طرد المجرمين" الذين يستهدفون قوات الجيش والشرطة العراقية، مطالبًا علماء الدين وشيوخ العشائر بــ"نبذ" القتلة، كان آخرها تخصيص قيادة عمليات الأنبار الثلاثاء 30 نيسان/أبريل 2013، مكافاة مقدارها 100 مليون دينار لمن يلقي القبض المتحدث الرسمي باسم ساحة اعتصام الرمادي سعيد اللافي، والناطق الإعلامي باسمها قصي الزين ومحمد أبو ريشة ابن أخ زعيم مؤتمر "صحوة العراق"، لاتهامهم بقتل الجنود الخمسة قرب ساحة الاعتصام قبل أيام، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من نفيها اتهامهم بحادثة قتل الجنود.
يُشار إلى أن معتصمي الرمادي أعلنوا، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق بين قادة اعتصام الرمادي والحكومة المحلية وقيادة عمليات الأنبار على "إنهاء المظاهر المسلحة كافة" من كلا الطرفين، وعودة الشرطة المحلية لحماية ساحة اعتصام، في حين أعرب رئيس بعثة الامم المتحدة مارتن كوبلر، عن ترحيبه بالنتائج الناجحة للقاء الذي جرى بين قادة اعتصام الرمادي والمسؤولين الحكوميين وقادة الأجهزة الأمنية من أجل إيجاد مخرج سلمي وإخماد التوترات