ظاهرة العنوسة في الجزائر

أكدت دراسة قدمها مركز علم الاجتماع في جامعة عنابة الواقعة شرق الجزائر أن ظاهرة العنوسة في الجزائر أخذت منحنى خطيرًا مقارنة بدول المغرب العربي، حيث تصدرت الجزائر المرتبة الأولى بتسجيل نسبة 45 في المائة من العوانس، تليها المغرب الأقصى بـ 36 في المائة وتونس بـ 25 في المائة، وبلغة الأرقام المقدَّمة من طرف مركز علم الاجتماع في جامعة باجي مختار في عنابة فإن عدد العازبات في الجزائر بلغ مرحلة متطورة، حيث قُدر خلال سنة 2013 بـ 11مليون عازبة، بينهن 5،4 ملايين امرأة فوق 35 سنة، والرقم مرشح للارتفاع.
وفي هذا الشأن، عزت الدراسة أسباب تزايد العنوسة في الجزائر إلى المشاكل الاجتماعية منها البطالة وتدني القدرة الشرائية، بالإضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي وتسريح نحو 25 في المائة من الشباب من المؤسسات العمومية والتي أعلنت إفلاسها في وقت مضى، وإحالتهم على البطالة المبكرة بعد استحواذ قطاع المؤسسات الخاصة في الجزائر على القطاع العمومي،كل هذه العوامل تسببت في تسجيل 45 في المائة من نسبة البطالة في الجزائر خلال سنتي 2012 و2013خاصة في صفوف الفئة التي تتراوح أعمارها من 25 إلى 40 سنة.
وأكَّد  مركز علم الاجتماع في الدراسة التي أعدها بناءً على نشاطه الميداني أن عدد الوفيات في صفوف الفتيات العازبات تعدى 3 ملايين والرقم في تزايد غالبهن يُتوفَّين بسبب الإحباط النفسي أو الإصابة بسرطان الثدي.
وأمام هذه الأرقام المخيفة أكَّد المخبر على ضرورة فتح الحوار مع الشباب لمناقشة ملف العنوسة، وفي حضور مختصين من أجل التكفل بهذه الفئة إلى جانب التقليص من غلاء المهور خاصة في الآونة الأخيرة، حيث أصبح مهر العروس الجزائرية يفوق 60 مليون سنتيم، خاصة في الجهة الشرقية للبلاد، وهو عامل آخر لتأخر الفتيات عن الزواج ،لأن الشاب يعجز لتوفير هذه القيمة ودفعها كمهر ،ناهيك عن بعض الطقوس والعادات الدخيلة عن المجتمع الجزائري والتي وجدت طريقها إلى الأعراس وحفلات الزواج منها كراء قاعات الحفلات، والتي تصل قيمتها في غالب الأحيان إلى 50 ألف دينار، بالإضافة إلى ما يُقدّم للمدعوين من أكلات عصرية فاخرة، وأمام هذا التنوع في الأعراس الجزائرية يجد الشاب نفسه محرج أمام أصدقائه فيفضل البقاء عازيا على أن يأخذ هذه المسؤولية الثقيلة على عاتقه.
وعلى صعيد آخر، تتسبب العنوسة في الجزائر حسب مخبر علم الاجتماع في آفات عدّة أخرى كالانحلال الأخلاقي والفساد، واقتحام بيوت الدعارة، وقد يصل الأمر إلى مرحلة ارتكاب الجرائم والسرقات وغيرها من المشاكل الأخرى، التي تحول المجتمع الاسلامي إلى مجتمع مجرّد من مقوّمات الدين الاسلامي.