زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بلدة كفرصغاب في البترون وترأس حفل تكريم العلامة الاب يواكيم مبارك في كنيسة سيدة النجاة. وبعد ترحيب من أليس جبير، ألقى كلمة البلدية رئيسها غسان سميا الذي قال إن "مبارك كان منارة متنقلة بين الشرق والغرب"، وقدم للراعي درع البلدية. وألقت كلمة العائلة كارول فضول التي شكرت الراعي على تدشينه مدرسة على اسم مبارك في قنوبين. وأشار راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خير الله إلى أن مبارك "عاش في باريس حياة نسكية أكثر من 40 عاماً، درس فيها اللاهوت والفلسفة والعلوم الإسلامية، ثم كرّس حياته للوعظ والإرشاد والتدريس والبحث في المجالات الرعوية والكنسية والفلسفية والسياسية والمارونية والمسكونية والإسلامية والحوار المسيحي - الإسلامي. وكانت له مؤلفات عديدة لا تحصى، ومن أهمها وأشهرها الخماسية الإسلامية المسيحية (1972 - 1973) والخماسية الأنطاكية في بُعدها الماروني (1984). وكان من هذا المؤلَّف الأخير أن دفعه إلى العودة إلى لبنان ليطرح مشروع حياته في الكنيسة المارونية الكفيل بإحداث نهضة جديدة تعيدها إلى دور الريادة في حضورها الفاعل وشهادتها المشرقية الأنطاكية؛ تماماً كما كان فعل قبله البطريرك أسطفان الدويهي بعد عودته من روما. فقال البعض إنه عاد إلى مارونيته بعد رحلة طويلة في الإسلام والمسكونية والسياسة. كلاّ، إنه كان مارونياً في حياته كلها، من ألِفها إلى يائها. كان مارونياً في غوصه في العالم الإسلامي حتى أصبح مستشاراً ومعاوناً في معهد دار السلام (جامعة الأزهر) في القاهرة منذ العام 1954. كان مارونياً في حواره المسكوني والأنطاكي بالذات حتى أصبح مستشاراً دائماً في مجلس كنائس الشرق الأوسط منذ 1968. وكان من الذين ساهموا مع المطران يوسف الخوري في دخول الكنائس الكاثوليكية في المجلس المذكور كعضو دائم العام 1991. كان مارونياً في مواقفه السياسية الجريئة التي دافع فيها عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن مدينة القدس وعن حق الأقليات بالحياة الكريمة. وكان مارونياً في توقه إلى إصلاح ماروني مجمعي بالعودة إلى الينابيع الروحانية في قنوبين". اضاف: "قرر العودة إلى لبنان ليطرح مشروعه الإصلاحي على الرابطة الكهنوتية في تموز 1985 في خلال الرياضة السنوية التي عنونها: «الموارنة وعلامات الأزمنة. قراءة لفكر البطريرك اسطفان الدويهي». وأطلق معها «المسيرة المجمعية المارونية» التي كان من أهدافها أن تقود إلى عقد مجمع لبناني جديد يكون بمثابة المجمع اللبناني الذي عُقد في دير سيدة اللويزة العام 1736 وأطلق الكنيسة المارونية في عالم الحداثة وكان من نتيجة المسيرة الإصلاحية التي قادها الدويهي طيلة 34 عاما". من جهته، قال الراعي إن مبارك كان "مدرسة للأجيال"، معتبرا أن "الخماسية المارونية التي ضمنها كل إنتاجه الفكري تشكل ينبوعا لا ينضب، وتعتبر إرثا كنسيا تعتز به الكنيسة المارونية، والبطريركية تسهر على حفظها ونشرها، خصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان والمنطقة، وهي أيام عنف بحثاً عن الهوية التي أكد مبارك في كتاباته الإصلاحية أن لبنان الابن البكر للمساكنة الآمنة بين المسلمين والمسيحيين. ولبنان عنده مشروع مشرف تأسس بقوة التاريخ المشترك، مع التشديد على الميثاق الوطني الذي رأى فيه الصيغة الأكثر وضوحا لإرادة الحياة بين المسلم والمسيحي في لبنان، ويخلصنا من كل أشكال الأقليات، ويقيم المواطنة الحقيقية، وهو علاقة مرفوعة ضد الأنظمة الأحادية في البلدان المجاورة". ثم أزاح الراعي الستارة عن تمثال لمبارك وضع في ساحة الكنيسة، وافتتح الجميع ساحة مبارك في وسط البلدة.