المؤسسات الاقتصادية في الجزائر

واجهت العديد من المؤسسات الاقتصادية في الجزائر، على غرار دول العالم، أزمات كبيرة منذ بداية انتشار وباء كورونا، وعلى مدار عام كامل ونصف تخبطت هذه المؤسسات في مشاكل وخاضت تحديات استطاعت الخروج منها بنجاح وبتجارب جديدة غيرت المعطيات والرؤى وأعادت ترتيب الأولويات.

وعلى عكس العديد من القطاعات المتضررة من كورونا لاسيما الخدماتية، خرجت المؤسسات الناشطة في المجال الصيدلاني بسلام وبأقل الأضرار من الأزمة، نظرا لضرورة استمرار نشاطها وتموينها السوق الوطنية بالأدوية، وفق ما أكده المدير العام لشركة الكندي الصيدلانية وكذا لؤي جعفر خبير في الموارد البشرية وصاحب موقع التوظيف الأول في الجزائر “أومبلواتيك”.

مدير “أمبلواتيك”: تراجع التوظيف في الجزائر بنسبة 70 بالمائة بسبب كورونا
وكشف لؤي جعفر خبير في الموارد البشرية، خلال مداخلة له في يوم تكويني نظمه مخبر الكندي الرائد في الصناعة الصيدلانية تناول موضوع “تأثير وباء كورونا على النشاط المهني: دروس ووجهات نظر”، أنّ فرص التوظيف تراجعت بشكل كبير جدا في عام 2020، حيث جمدت العديد من المؤسسات مناصب الشغل التي كانت تنوي إدراجها لما لحق بها من ضرر وتوقف النشاط خلال أزمة كورونا في عامها الأول، مشيرا إلى عودة تدريجية للتوظيف بشكل أقل.
واستعرض لؤي جعفر نتائج دراسة حديثة شاركت فيها 130 دولة عبر العالم منها الجزائر بعينة ناهزت 2700 عامل تناولت موضوع “كيف تأقلمت المؤسسات مع أزمة كورونا، “حيث أفضت إلى نتائج صادمة في سوق العمل ومعطيات هامة في مقدمتها توقف التوظيف بنسبة 70 بالمائة في بدايات الأزمة الصحية”. وقال المتحدث إنّه ينشط منذ 15 عاما في مجال التوظيف ولم يشهد أبدا مثل هذا التأثير الخطير للازمات على سوق العمل، واعتبره تأثيرا غير مسبوق، امتد على كامل الثلاثي الأول والثاني من العام الماضي وتتواصل تأثيراته بأقل حدة حاليا.
وأشار المتحدث أنّ ما يدعم هذه النتائج هو تراجع الإعلانات عن عروض العمل بين 70-80 بالمائة أيضا، خاصة في مجال الأشغال العمومية والمجال الخدماتي بينما كان القطاع الصيدلاني أقل تضررا وأحيانا حقق انتعاشا.
واختلف تأثير كورونا على المؤسسات حسب النشاط وحجم المؤسسة أيضا وتبين أنّ المؤسسات المتوسطة استطاعت المقاومة وهي من تأقلمت سريعا وعادت إلى فتح مجال التوظيف بعد استقرار الحالة الوبائية.
وكشفت الدراسة بحسب لؤي جعفر، أنّ 47 بالمائة من المؤسسات أكدت بان الأولوية لديها الآن هي الحفاظ على مناصب العمل الحالية، فيما عبرت 30 بالمائة الأخرى عن رغبتها في التوظيف، و15 بالمائة أكدت رغبتها في تقليص المناصب.
وتطرّقت الدراسة أيضا إلى ظاهرة جديدة تتعلق بالعمل عن بعد، حيث أكّد 20 بالمائة من العينة أنّهم كانوا يجهلون هذا النوع من العمل و61 بالمائة عبروا عن رغبتهم في المزاوجة بين صيغة العمل الحضوري والعمل عن بعد.
وكشفت الدراسة أيضا عن تغير ترتيب الأولويات لدى الموظفين الجزائريين فالمرتب لم يعد المعيار رقم واحد في البحث عن الوظيفة لدى الشباب واحتل مكانه المحيط المهني الجيد والعلاقات الطيبة والمستقرة وتوفير الحماية والتوازن بين الحياة الخاصة والمهنية، فيما عبّر 76 بالمائة عن استعدادهم لتعلم خبرات جديدة.

مدير الكندي: كورونا عجّلت باستغلال التكنولوجيا الجديدة في العمل
بدوره أفاد المدير العام لشركة الكندي سفيان عشّي أنّ شركة الكندي تعد فرعا من مجمع “آم آس فارما” وتتداول على المراتب الثلاثة الأولى في التصنيف الوطني لأهم الشركات الصيدلانية غير أنها الأولى من حيث القيمة.
وتطرق عشي سفيان إلى تجربة مؤسسته خلال أزمة كورونا حيث اضطرت إلى وضع 50 بالمائة من موظفيها في عطلة مدفوعة الأجر، واحتفظت بـ 25 بالمائة في خطوط العمل بالمصانع لضمان استمرار الإنتاج وعدم توقفه، فيما عمل 25 بالمائة المتبقون عن بعد.
وحسب مدير الكندي، فإن كورونا عجّلت باستغلال التكنولوجيا الجديدة فما قامت به المؤسسة في مجال الرقمنة خلال عام 2020 لم تقم به على مدار 10 سنوات مضت، حيث استثمرت 1 مليون دولار في مجال الرقمنة لاقتناء وسائل عمل وتنظيم اجتماعات ولقاءات وندوات عن بعد وغيرها من الأمور.
وبالإضافة إلى ما سبق يشير المتحدث إلى تقوية نظام التسيير والمناجمنت ومراجعة مؤشرات المردودية وتعزيز الاتصال عبر القنوات الرسمية والخاصة.
وفي السياق، تطرّق عشّي سفيان مدير الكندي إلى تأثير وباء كورونا على مؤسسته الصيدلانية وعلى أداء العمل خاصة في بدايات الأزمة، أشار إلى تسجيل اضطراب كبير في مجال التموين بالمادة الأوّلية المستوردة بشكل خاص من الأسواق الصينية والهندية، ناهيك عن الحجر الصحي وتدابير الوقاية التي منعت كثيرين من الالتحاق بمناصب عملهم، خاصة وان العمل عن بعد بشكل كامل أمر غير ممكن في القطاع الصيدلاني الذي عمل بقوة لتلبية حاجيات المرضى والمواطنين التي لم تتوقف، باعتباره من بين القطاعات الإستراتيجية في البلاد.
وأضاف عشّي أنّهم واجهوا تحديات وصعوبات كبيرة في مجال توفير الأدوية، في ظل مخاوف من حدوث أزمة حقيقية في غضون الأشهر المقبلة بسبب توقف عديد الممونين عن التصدير، غير أن الصناعة الصيدلانية الوطنية واجهت الأمر بحنكة وتخطيط استراتيجي مكّنها من توفير حاجياتها وتجاوز الندرة بشكل رفع أسهمها في السوق العالمية وباتت مطلبا من قبل عديد الدول للدخول معها في صفقات تصدير، حيث قال: “بعد أشهر من الأزمة وتجاوزها بنجاح، أصبحنا نتلقى عديد الطلبات من دول عديدة بخصوص قوائم منتجاتنا وفرص التعاون والتصدير”، وتعتزم الكندي خوض تجربة التصدير مع دول غرب إفريقيا وكذا ليبيا وموريتانيا.

هذه إيجابيات وسلبيات كورونا على المؤسسات الصيدلانية
من جانبها استعرضت نهى عيسات المكلفة بالعمليات التجارية على مستوى شركة الكندي إيجابيات وسلبيات وباء كورونا، حيث استفادت بعض المؤسسات من ارتفاع نشاطها في إطار الأدوية المستعملة في البروتوكول الصحي وباتت تلك الأدوية تسوّق 5 مرات أزيد مما كانت عليه بالإضافة إلى بعض المقويات ومعززات المناعة، وبادرت مؤسسات عديدة إلى إنتاج المعقمات الكحولية.
وساهم ضمان استمرارية تجديد العلاجات المزمنة للمرضى بواسطة بطاقة الشفاء في التسويق المتواصل للأدوية للمرضى، بالإضافة إلى ظهور أمراض عقلية لدى بعض الأشخاص المتأثرين من كورونا وهي علاجات ضمن حقيبة شركة الكندي، وكذا تسجيل تضامن بين المتعاملين في الصيدلة في مجال تبادل المادة الأولية أو مساعدات أخرى.
وتمثلت السلبيات حسب، نهى عيسات، في فقدان العديد من الزملاء والمتعاملين والزبائن، وتأثر آخرين بإصاباتهم أو إصابات ذويهم المقربين، كما ساهم غلق الحدود وزيادة الطلب على المادة الأولية في فقدانها وصعوبات الحصول عليها ناهيك عن غلاء أسعارها وتكاليف شحنها والتعارك ليل نهار لأجل الحصول عليها في الأسواق الصينية والهندية وأحيانا الأوروبية.
تراجع الفحوصات الطبية وبالتالي تراجع استهلاك الأدوية وتسجيل نسبة كبيرة من الأدوية منتهية الصلاحية في مخازن المصانع.

قد يهمك ايضاً

الجيش الجزائري يطور الوحش الروسي دبابات “تي 72 “

رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق شنقريحة يعلن عن أحباط كافة الهجمات السيبريانية ضد الجزائر