هجومي مرسيليا وبرلين

أقام منفذ الهجوم في مرسيليا أحمد حناشي، ومرتكب مجزرة سوق الميلاد في برلين وأنيس العامري في بلدة "أبريليا" قرب روما لفترة من الزمن، ما دفع بالقضاء الإيطالي إلى فتح تحقيق حول هذه البلدة التي يشتبه في أنها تؤوي خلية إرهابية. وذكرت وسائل إعلام إيطالية أن حناشي (29 عاما) التونسي الذي قتل شابتين طعنا الأحد في مرسيليا قبل أن تقتله الشرطة، عاش عدة سنوات في أبريليا.

وقال أحد الموظفين في البلدية لوكالة الصحافة الفرنسية: "لقد تزوج في أبريليا من إيطالية عام 2008، وكان يقيم هنا بين مارس/آذار 2010 ومايو/أيار 2017، حين قبض عليه مرتين بسبب المخدرات وارتكاب سرقة. وأضاف: تم حذف اسمه بعد ذلك من قوائم البلدية، لأنه لم يجدد إقامته، لكننا نعرف أنه لم يعد يسكن في البلدة منذ عام 2015. وتابع أن حناشي انفصل عن زوجته قبل ثلاث سنوات، وقد أقاما مع والدي العروس، وهم أناس شرفاء نعرف أنهم لم يكونوا سعداء جدا بهذا الزواج.

وتبعد أبريليا البالغ عدد سكانها 70 ألف نسمة، مسافة 40 كيلومترا جنوب روما، وفيها الكثير من العمال الزراعيين الأجانب، معظمهم من السيخ ولكن بينهم أيضا أفارقة وعدة مئات من التونسيين.

وفي يوليو/تموز 2015، كان أنيس العامري التونسي في المدينة أيضا، وهو مرتكب الاعتداء بواسطة شاحنة في سوق الميلاد في برلين ما أسفر عن مقتل 12 شخصا في ديسمبر/كانون الأول. وقتله بعد ذلك بأربعة أيام عناصر من الشرطة في سيستو سان جيوفاني، قرب ميلانو.

ويحقق عناصر من جهاز مكافحة الإرهاب، بإشراف مكتب النائب العام في روما، منذ الأحد لمعرفة ما إذا كان العامري وحناشي التقيا في أبريليا، وما إذا كانا خططا لعمل مشترك. وذكرت الصحف أن عناصر الأمن يحاولون قبل كل شيء معرفة ما إذا كانت البلدة تستخدم قاعدة لوجيستية أو مركزا لنشر التطرف أو تزوير الوثائق.

وعودة إلى الجريمة الإرهابية في مارسيليا، اعتقلت السلطات الفرنسية في مرسيليا الثلاثاء خمسة أشخاص في إطار التحقيق المفتوح في ملف أحمد حناشي. وقال مصدر قضائي إن خمسة أشخاص، أربعة منهم على الأقل على علاقة بأحمد حناشي، وضعوا رهن الاحتجاز لانتمائهم إلى عصابة من المجرمين الإرهابيين.

وأكّد مصدر مقرب من التحقيق أن هناك شكوكا حقيقية حول إعلان "داعش" بعد ساعات قليلة مسؤوليته عن الهجوم، وأوضح المصدر وفق وكالة الصحافة الفرنسية أن هذا الإعلان يطرح شكوكا حقيقية بسبب عدم وجود علاقة بين المهاجم والتنظيم المتطرف في هذه المرحلة.

وكان حناشي قد اعتقل في مدينة ليون الجمعة، إثر قيامه بالسرقة من أحد المحلات وأكد أنه يسكن هذه المدينة وهو مشرد وعاطل عن العمل. وقال النائب العام في باريس فرنسوا مولانس الاثنين إنه كان يتعاطى المخدرات ومطلق. وبعد اعتقاله، استفاد حناشي من تصنيف قضائي لا ينص على ملاحقته. وفي أعقاب ذلك، فإن سلطات المحافظة لم تكن قادرة على اتخاذ تدابير بإبعاده، وفقا لما ذكره مولانس.

وعبر أقرباء أحمد حناشي التونسي عن عجزهم عن فهم سبب ارتكابه الاعتداء، إذ إنهم لم يلحظوا أي شيء يدل على اعتناقه للفكر المتطرف. وقال والد أحمد، نور الدين حناشي، وهو متقاعد عمل مدير فندق في فيينا لوكالة الصحافة الفرنسية إن قصة "داعش" هذه تبدو لي مستحيلة، لا أريد أن أسمعها. وأضاف الأب الستيني الذي بدت ملابسه عصرية: ربما كان تحت تأثير المخدرات عندما هاجم الفتاتين أمام محطة سان شارل.

ويقع منزل العائلة الفسيح والمبني حديثاً في حي يعيش فيه أبناء الطبقة المتوسطة في بلدة العيون بالقرب من جرزونة في ولاية بنزرت، على بعد نحو سبعين كيلومترا إلى الشمال من العاصمة تونس. وقال عمه عنه إنه شاب طيب، يحب الحياة، يهتم بملابسه ولم تكن له أي علاقة بتنظيم داعش الذي تبنى الاعتداء. فيما أكّد والده إن التنظيم يكذب.

من جانبه، قال مصدر أمني طلب عدم كشف اسمه إن أحمد وأخاه أنور صنفا بين المتطرفين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ويواجه الأهل صعوبة في فهم ما جرى، علما بأن السلطات لم تستدع أيا منهم. وأكد ضابط في شرطة بنزرت أن المهاجم فعلا ابنهم. وسافر أحمد (29 عاما) إلى أوروبا قبل عدة سنوات ويتذكره بعض أصدقائه في تونس، ويروون أنهم جربوا معه كل أنواع المخدرات سواء التي يمكن تدخينها أو عبر الحقن، من الكوكايين وغيره.

وقال أنور، وهو في مثل عمره ويحمل وشما على ذراعه: نحن مصدومون. قصة (داعش) هذه مستحيل تصديقها. وأضاف أنور أن أحمد حاول التخلص من إدمانه في صيف 2016 عندما أمضى عدة شهور في تونس. وقال أقرباؤه إنه طلق زوجته الإيطالية في الفترة الأخيرة ولم تعد لديه أوراق إقامة.