دمشق ـ جورج الشامي
ادخلت عملية استيلاء الجيش الحر على مطارات عسكرية عدة في شمال سورية الصراع المسلح مرحلة جديدة، حيث كان لسيطرة الثوار في الساعات الاخيرة على مطار "الجراح" بعدا مختلفا، فإضافة إلى موقعه الإستراتيجي، فإنه مليئ بالسلاح الجوي الجاهز للاستعمال، على عكس غالبية المطارات التي سيطر عليها الجيش الحر في السابق فهي تحوي طائرات معطوبة وغير صالحة للاستعمال. والفيديو الذي بُث الثلاثاء ، لتمشيط مطار (الجراح) بعد الاستيلاء عليه بشكل كامل، ووجود عشرات الطائرات على أهبة الاستعداد وجاهزة للتحليق، يعني أن الجيش الحر بات قادرا على القيام بطلعات جوية وضرب معاقل الحكومة السورية في مختلف المحافظات، خصوصا أنه منذ انطلاق الثورة السورية شهد سلاح الجو انشقاقات هائلة في عناصره وطياريه، ويمكن لهؤلاء بخبرتهم أن يشكلوا قوة إضافية للجيش الحر وتغطية جوية لمعظم غاراته واقتحاماته. ورغم أن استخدام هذه الطائرات أصبح في حكم المحتوم في الوقت القريب، ولكن سيطرة الثوار الأخيرة دفعت العديد من النشطاء للتساؤل بشأن طريقة إدارة عمليات السلاح الجديد. ويقول أحد النشطاء لـ"العرب اليوم" ان الخوف هو من استهداف أماكن تجمع المدنيين المواليين للحكومة، وهذا من شأنه رفع وتيرة الإقتتال، وتحويله إلى حرب طائفية وأهلية ليس لها نهاية، فنحن قمنا بثوراتنا وقدمنا التضحيات الكثيرة ضد مثل هذه الممارسات، ونتمنى أن لا يستخدم سلاح الطيران في مثل هذه الحالات. اما عضو الهيئة العامة للثورة السورية في دمشق فاعتبر لـ"العرب اليوم" أن على الجيش الحر ضرب وبشكل مباشر أماكن تجمع قوات الحكومة السورية، وشبيحتها، فقط، من دون الإضرار بالمدنيين وممتلكاتهم، وإذا كان بمقدورهم ضرب القصر الجمهوري فهذا سيكون نصرًا للثورة وأهدافها. امتلاك قوى المعارضة المسلحة للطيران الحربي دفع البعض للطلب من الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الخارج، تكليف وزير دفاع لإدارة المعركة بشكل مباشر, فقال الناشط السوري جهاد السعيد لـ"العرب اليوم" "لا يجب على الإئتلاف انتظار تشكيل حكومة انتقالية بشكل كامل، عليه بشكل مباشر تعيين وزير دفاع ومن الأفضل أن تكون له خلفية مدنية، يمارس عمله في الداخل السوري، من الأراضي المحررة، لتتبع له كل الفصائل الثورية المقاتلة على الأرض، ومن شأن هذا أن ينظم عمليات الجيش الحر، كما أن مثل هذه الخطوة ونتائجها التي تتمثل في إدارة المعركة ضد نظام الطاغية بشار الأسد، وعدم انحراف القتال في اتجاهات متطرفة، من شأنه تشجيع دول أوروبا وأميركا على تقديم السلاح للمعارضة، لإنهاء القتال الدائر منذ 23 شهرًا. وفي السياق نفسه، قال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، لموقع سكاي نيوز عربية "للمرة الأولى تسيطر المعارضة المسلحة على طائرات حربية قادرة على العمل ، وهذا ما يثير استغرابي من السبب الحقيقي الذي دفع الحكومة السورية لتركها في المطار بهذا الشكل". وأضاف "في مطار تفتناز الذي سيطرت عليه المعارضة المسلحة كانت هناك طائرات عاطلة عن العمل.. لكن اليوم هذه الطائرات بالعشرات وهي على أهبة الاستعداد". وعن وجود أفراد ذوي خبرة لقيادة تلك الطائرات واستخدامها أكد عبد الرحمن أن الطيارين المنشقين قادرين على ذلك، وفي حال تم استخدام الطائرات فإنها "ستقصف المناطق الموالية للنظام السوري ما سيصعد المعركة في الداخل". وكانت المعارضة المسلحة تطالب القوى الدولية بتزويدها بمضادات الطيران لصد هجمات الحكومة السورية على المدنيين ومعاقل المعارضة، لكن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، أجلا البت في هذا الأمر، ما دام الحل السياسي ممكنا، بخاصة مع مبادرة رئيس الإئتلاف السوري معاذ الخطيب الأخيرة، التي دعت أطرافا من الحكومة ممن لم تتلطخ أيدهم بدماء السوريين للحوار، ضمن شرط رحيل الحكومة، مما يطرح تساؤلاً بشأن ما إذا كان لسيطرة الجيش الحر على مطارات عدة وعشرات الطائرات الجاهزة للطيران دور في تغيير المعادلة؟، أم ستبقى الأمور على ما هي.