الصراع والغضب بين المحامين والقُضاة

تفاقمت مُجدداً وفي شكل مُفاجئ حدة الاحتقان والصراع والغضب بين المحامين والقُضاة، وتمحور النزاع هذه المرة حول إيداع محامي السجن المُوقت، ليُفتح بذلك فصل جديد من فُصول الصراع الذي يبدو أنه لن ينتهي وهُو ما سيُغذي التصدعات التي تُلاحقُ جهاز القضاء مُنذُ أشهر طويلة.وقرع المُحامون طبول حرب جديدة وساخنة، بعد أن شلّوا محاكم العاصمة الجزائرية والبليدة التي تبعدُ عن العاصمة 45 كيلومتراً غرباً ورفُضوا حُضور الجلسات المُقررة على مُستوى المحاكم وكل الأنشطة القضائية على مُستوى المحاكم الإدارية والمحكمة العسكرية لمدة غير محدودة.وردد المُحامون المحتجون العديد من الشعارات المُناوئة لطريقة تسيير القطاع وإقصاء الفاعلين، ودوت أصوات من رفعوا الشعارات في محكمة "الأربعاء" التابعة لمُحافظة البليدة بينها "لا شخصية، لا قانون، والإيداع بالتلفون"- عدالة الهاتف.    وأعاد التوتر الجديد في جهاز القضاء، سيناريوات الانتفاضات التي نفذها المُحامون خلال الأشهر الماضية، بعد المُشاحنات التي وقعت في محكمة وسط العاصمة الجزائرية بين قاضي جلسة ونقيب محامي منطقة العاصمة، وذلك بعد رفض الأخير تأجيل جلسة محاكمة أحد موكلي النقيب، في شكل أدى إلى تعرض الأخير لوعكة صحية بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية، وقبلها انتفاضته مع احتجاجات الحراك الشعبي الذي انطلقت شراراته في 22 شباط (فبراير) 2019 ونظموا خلال تلك الفترة العديد من الوقفات والمسيرات.  وكالعادة انتهز أصحاب الجبة السوداء المحامين في الجزائر الفُرصة للمُطالبة بعدالة مُستقلة بعيداً من أي ضُغوط خارجية، وهُو المطلب الذي أعاد السجال بين القُضاة والمحامين إلى الواجهة، إذ انتقدت النقابة الجزائرية الشعارات التي رددها المحامون الغاضبون، وجاء في بيان النقابة: "يُعيبُ عليهم ممُارسة وسائل غير مشروعة تتنافى وتقاليد وأعراف مهنة المُحاماة بغرض التأثير في أحكام القضاء ومُحاولة فرض سُلطة الأمر الواقع بترديد شعارات مُهينة لزملاء قاضي التحقيق وأعضاء غُرفة الاتهام أثناء تأدية مهماتهم ومسيئة لقضاة الجمهورية بصفة عامة والتي يرقى البعض منها لجرائم مُعاقب عليها".   وفي إشارة إلى إمكان رفع دعوى قضائية ضد مبروك، ذكر بيان منظمة البليدة أن العبارات والأوصاف التي وصف بها رئيس نقابة القضاة أسرة الدفاع برمتها تشكل النموذج القانوني لجرائم معاقب عليها تحتفظ هيئة الدفاع بحق اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية حقوقها وشرفها واعتبارها.  ولم يخفِ المُحامُون قلقهم المُتنامي من "التوظيفات السياسية للنُصوص المشروعة"، إذ قال عُضو نقابة المحامين في الجزائر وهي المُنظمة الوحيدة في البلاد التي لها فروع في ولايات عدة، أمين سيدهم، في تصريح صحافي، إن "أصحاب الجُبة السوداء يُطالبون باستقلالية القضاء لا الضغط على القُضاة، والهدف من تحركاتهم الاحتجاجية هُو الدفاع عن الحقوق والحُريات والوُصول إلى عدالة مُستقلة".وفي تعليقه على هذه الصراعات التي تشهدها أروقة المحاكم في البلاد بين الحين والآخر، يقول الناشط الحُقوقي بوجمعة غشير، في تصريح لـ"النهار العربي" إن الصراع القائم بين المحامين والقضاة ليس بالجديد ويعود لأسباب متعددة بينها عدم التزام الطرفين أخلاقيات المهنة، ويؤثرُ هذا الصراع في مُعظم الأحيان على صدقية العدالة الجزائرية بخاصة إذا كان يتسم بـ"الشخصانية" ولا يكتسي أي طابع قانوني.     ويُضيف المُحامي بُوجمعة غشير، إن بعض المُحامين يشعرون بالإهانة جراء عدم استجابة القُضاة في غالب الأحيان لمطالبهم المتمثلة في تأجيل البت في القضية لعدم اطلاعهم على الملف أو عدم حُصولهم على المعطيات الضرورية حتى يتمكنوا لاحقاً من المُرافعة، ويقول إن الجلسات تشهد تلاسنات بين المحامين والقضاة.  وتُطالبُ نقابة المحامين بحسب تصريحات أحد أعضائها شايب صادق، بالاستقلالية وعدم التدخل في قرارات وأحكام القضاة، وقال إنه لا يجب أن يحدث طلاق بين أسرة الدفاع والقُضاة لأنهما أسرة واحدة هدفها تسيير مرفق عام، فالمُحامي هُو من يُساهم في بناء دولة القانون واستقلالية القضاء الجزائري وهو المطلب الذي خرج من أجله المحامون في إضراب نظموه في أيلول (سبتمبر) الماضي، إذ رددوا شعارات عديدة تدخل في هذا السياق بينها "قضاء مستقل" و "الشعب يُريد قضاءً مُستقلاً". قد يهمك ايضا القضاء الجزائري في قفص الاتهام بعد تبرئة رموز النظام السابق في قضية التآمر

القضاء الجزائري يؤيد الأحكام على "الابنة المزيفة" لبوتفليقة ومدير الأمن السابق