المعاني الإنسانية بين أحضان الآثار القديمة في روما
روما – ليليان ضاهر
تزخر العاصمة الرومانية القديمة، والعاصمة الإيطالية الحديثة، روما، بالكثير من الأثار و الأماكن السياحية التي تجذب السائحين على اختلاف توجهاتهم و ثقافاتهم، فهناك الشمس الدافئة وأشجار الصنوبر وتل بالاتاين
، حيث كانت أنثى الذئب ترضع روملوس وريموس ومن فوقهم السماء الزرقاء، و هناك الأطلال المتبقية من المسرح الروماني وتماثيل العذارى وأقواس النصر التذكارية، التي شيدها الأباطرة واحدًا تلو الآخر، لتخلد ذكرى انتصاراتهم.
فهذا المكان هو المسرح الذي اقتتل على أرضه آلاف الأبطال والفرسان، وشهد ساعات طويلة من الصراعات فيما بين المصارعين والمقاتلين، الذين بذلوا كل ما في وسعهم لينالوا إعجاب الجماهير المتعطشة للدماء، ولينالوا إعجاب وتقدير الإمبراطور، في إطار مهرجانات الألعاب التي كانوا ينظمونها، والتي جسدتها السينما من خلال أفلام مثل "المصارع" و"توتال وور" و"سوورد أوف فينغينس".
ومن الطبيعي أن تفتقد هذه الجولات السياحية بين الأطلال والآثار الرومانية القديمة الجاذبية اللازمة لنيل اهتمام الأطفال والمراهقين، بينما يقدر من هم في أعمار متقدمة القيمة التاريخية لأطلال المسارح الرومانية وأقواس النصر والمعابد، حيث يراها الأطفال زيارة عقيمة لروما المخفية، في حين يراها من يقدرون الوزن التاريخي لها زيارة للحضارة الرومانية القديمة، تستحق عناء التنقل بين أطلال روما القديمة.
وفي المدينة أيضًا الدرج الإسباني والقبة الحلزونية غير التقليدية لكنيسة "سان إيفو ألا سابيينزا"، المبنية على شكل مؤخرة نحلة، والتي صممها المهندس المعماري العبقري بوروميني، لتجسد القوة الهائلة التي كانت تتمتع بها عائلة باربيرني، التي اتخذت من النحلة رمزًا لها.
وبالمضي قدمًا في الجولة السياحية في روما القديمة، لدينا "تيمبييتتو ديل برامانتي"، وهو المعبد الذي برغم صغر حجمه إلا أنه يحمل الكثير من السمات البارزة للفن الروماني القديم، حيث صممه سان بيتر في قلب روما، في الموقع الذي صُلب فيه هو نفسه فيما بعد.
وفي أحد الميادين الذي يُدعى "كومبو ديل فيوري"، هناك نافورتين أُحيطتا بكميات هائلة من الجرانيت النادر، والذي تم جلبه من حمامات كاراكالا الرومانية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن زيارة كنيسة "سان سيسيليا"، القديسة التي حاولوا إحراقها حتى الموت، من خلال حبسها في حمامها الساخن، كما استدعوا جلادًا لقتلها عندما نجت من محاولة الحرق، ولكن الضربة لم تكن قاتلة، لتستمر القديسة على قيد الحياة لثلاثة أيام، حتى ماتت متأثرة بالجرح العميق في العنق، وأطلق عليها "قديسة الموسيقى"، لما كانت تقوم بإلقاءه من تراتيل.
وكغيرها من الجولات السياحية التي يقوم بها السائحون في روما القديمة، يمر الزائر بتجارب عديدة، حافلة بقصص شهدتها تلك الحضارة العريقة، تمنحه فرصة الدخول إلى عالم مختلف تمامًا عن عالم الواقع، حيث يستعرض الأطلال وما تحمله بين جنباتها من أحداث ملؤها العنف والرغبة والطمع والطموح والتألق والإنجازات الخارقة.