نحات كردي يحول مخلفات الحرب لإبداعات فنية

في إصرار على نفض غبار حقبة تنظيم داعش الإرهابي، وتأكيد هزيمته بلا رجعة، يعمل نحات كردي في شمال سوريا على تحويل مخلفات الحرب إلى قطع فنية، ليؤكد أنه في "الفن حياة"ففي حجرة مدرعة معطوبة على أطراف مدينته عين العرب كوباني شمالي سوريا، ينهمك نشأت عمي، الفنان التشكيلي الكردي، في استخراج قطع الحديد والخردة من مخلفات الحرب المستهلكة، لإعادة تدويرها وتشكيلها في مجسمة فنية.

واستطاع النحات الكردي، تطويع بقايا الذخيرة والقنابل والصواريخ والقذائف والرصاص وبقايا هياكل الدبّابات المعطوبة والمدرعات، التي استخدمها تنظيم "داعش" الإرهابي في الهجوم على المدينة، منتصف سبتمبر 2014، إلى تماثيل فنية بعد تحرير كوباني على يد وحدات حماية الشعب في يناير 2015.ويصف النحات ، الساعات الطويلة التي يقضيها داخل محله الصغير الكائن في حي "كانيا كوردان" محاطاُ بقطع خردة الحديد، ليرسم صورة لمجسمة ينحت تفاصيلها بدقة من عجينة الطين، وبأدوات التشكيل البسيطة يرسم ملامحها ويلونها، ليغمسها في الجبسون وينتظرها لتجف، ليعيد غمسها في سائل الحديد الحارق، ويبردها بالماء ليحصل على تمثال مكتمل البناء.


ولد نشأت في كوباني وأتم دراسته الإعدادية فيها، ثم انتقل للعمل في دمشق قبل 20 عاما ليتعلم مهنة الحدادة، وانتقل بعدها إلى لبنان، وعاد إلى كوباني عام 2012.عاش النحات الكردي الحرب وشاهد القذائف ومخلفاتها الحديدية تنشر الموت والرعب في كل ركن بالمدينة، لتترك أحيانا كثيرة آثارا قاتلة على أجساد المدنيين، فقرر تحويل منتجات الموت إلى صورة جمالية تعكس فناً وحياة.

وخطر ببال نشأت تكريم المقاتلين الأكراد، الذين حرروا مدينته كوباني من تنظيم داعش، فصنع نصباً تذكارياً لمقاتل كردي بطول 3 أمتار من مادّة الحديد وبوزن تجاوز الطنين والنصف طن بثيابه العسكرية مع سلاحه في ساحة مدينة كوباني، المعروفة باسم ساحة "الشهيد عكيد".ولفت إلى أنّ صناعة تمثال المقاتل الكردي استغرقت 8 أشهر كاملة من العمل، مشيرا إلى أن أعماله الفنية تحمل رسالته إلى أولئك الناس، الذين يحبون الحروب ويقتلون الأبرياء، وأن الفن هو مفتاح الحب والسلام.

وعاودت مدينة كوباني أنشطتها الثقافية والفنية المتنوعة بشكل ملحوظ بعد تحريرها من تنظيم داعش الإرهابي.وأقامت هيئة الثقافة والفن عدة أنشطة، وأطلقت العديد من المعارض الفنية في عدة مدن، قدم فيها نشأت نحو 70 عملا فنيا.ولفت الفنان نشأت  إلى أن جميع الأعمال التي ينفذها لا تشير إلى الحرب، وإنما تعكس صور أشخاص فنانين وعمال كادحين وحيوانات وأشكالاً هندسية متنوعة، فهو يلخص في أعماله عملية الخلق من الموت لكل ما يدل على الحياة والجمال.

قد يهمك ايضا:

أزمة سوق الكتاب في الجزائر تتفاقم لأسباب متعددة 

اللوفر أبوظبي يبدأ عامه بـ "التجريد وفن الخط نحو لغة عالمية"