السردين الصغير

دعا مختصون في البيئة البحرية في ولاية وهران، السلطات العليا للبلاد، إلى فتح تحقيق عاجل وفوري، في جريمة الصيد الجائر طوال فصول السنة للسردين الصغير، وانعدام ثقافة التعامل مع صنوف السمك الأخرى، في ظل تواصل عمليات الصيد الجائر التي يمارسها صيادون على ساحل الغرب الجزائري، خصوصاً إصرارهم على صيد الأسماك الصغيرة جدا، وعلى وجه التحديد السردين “البذرة”.
ووصف هؤلاء الخبراء، خلال أحاديث منفصلة مع “الشروق”، ما يجري من صيد خطير، بأنه تدمير للحياة البحرية، داعين الجهات التنفيذية إلى وضع حد لهذه الظاهرة ومحاربتها للحفاظ على الحد الأدنى من الحياة البحرية.
وأكد المختص في علوم البيئة البحرية، “مختار. س. أ”، أن استمرار صيد الأسماك الصغيرة غير مكتملة النمو وبكميات هائلة، يؤدي إلى استنزاف الثروة السمكية وحرمان الأسماك الكبيرة الناضجة من أهم مصدر للطعام والغذاء، لافتاً إلى أن صيد الأسماك الدقيقة مخالف لكل القوانين المحلية، ويشكل خطراً على البيئة البحرية، ويعرض الثروة السمكية لخطر الاندثار، مضيفاً أن هناك شبه “مافيا منظمة”، لا تمانع في خرق قانون حماية الثروة السمكية، تواصل صيدها لأسماك صغيرة لا يتعدى طولها الـ 5 سنتيمترات، على غرار السردين الذي يعرض اليوم في الأسواق بأكثر من 500 دج، بداعي عدم وجود خيار أمامهم في ظل التراجع الحاد في كميات الأسماك الناضجة. وأردف محدثنا أن هناك الكثير من المختصين في البيئة البحرية، خاطبوا الجهات المعنية في سنتي 2012 وموسم 2018 وفي السنة الجارية، لمنع هذه الظاهرة ووضع حد لها، ولكن لحد الآن لا نتيجة.

مطالب بالضرب بيد من حديد

واعتبر المتحدث أن ما يفرض الآن هو اتخاذ إجراءات مشددة لمحاربة هذه الظاهرة، من بينها منع استيراد الشباك الخاصة بصيد هذه الأسماك، ومصادرة الكميات الموجودة لدى التجار، وتنفيذ عمليات مداهمة لمخازن وقوارب صيادين ومصادرة الشباك، بالإضافة إلى ترصد دخول بواخر وقوارب مجهزة تستخدم مواد محظورة لصيد السردين الصغير بغير وجه حق.
في سياق متصل بالموضوع، قال ناشطون في جمعيات الصيد البحري الهاوي، إن الأمر يتطلب التنسيق المحكم بين جمعيات فاعلة ومديريات التجارة ومفتشيات مختلطة مختصة في المجال، لإنهاء مهازل اصطياد سمك السردين غير مكتمل النمو، وتسويقه عبر مختلف الأسواق الشعبية، داعين إلى فرملة مافيا الصيد الجائر وإحالتهم على العدالة لاكتشاف وجهات السردين وخلفيات استمرار صيد أنواع غير مكتملة النمو، لا يتجاوز طولها 5 إلى 6 سم، بل وغير صالحة للاستهلاك، وهو ما يضع الكثير من الصيادين النافذين تحت طائلة القانون المتعلق بمكافحة جرائم البيئة البحرية، لاسيما التي تردع استنزاف الثروة السمكية وتحرم الأسماك الكبيرة من أهم مصدر لغذائها وحياتها، وهي الحال نفسها التي يسجل في صيد الأخطبوط الذي تتحكم فيه مراكب صيد نافذة تسيطر على السوق وأسعاره وفترات الصيد والراحة البيولوجية.
وقدر مصدر لـ “الشروق”: الكمية التي يتم اصطيادها من سمك بذرة السردين بأكثر من 1000 طن سنويا، نصفها يتعرض للتلف لعدم قدرته على تحمل الأحوال الجوية الحارة، كما يتم استخدام جزء منه كسماد للنباتات. وقال إن الطن الواحد الذي يتم اصطياده بإمكانه أن يتكاثر ليصل إلى 12 طنا في حال عدم اصطياده. فيما يرى ناشطون في منظمة حماية المستهلك، بأن صيد السمك الصغير جدا “البذرة” في سواحل الغرب الجزائري لاسيما وهران، عين تموشنت، يعتبر مشكلة صحية وبيئية.
وقال بدر الدين الطاهر، ناشط جمعوي، إن ما يتم اصطياده من هذه الأسماك التي تتراوح أوزانها ما بين 1 – 5 غرامات، يتجاوز 1300 طن سنويا في الجزائر، واعتبر أن هذه الأسماك التي لا يزيد قطرها عن 10 ملم، غير صالحة للأكل، فضلاً عن كون اصطيادها بهذه الكميات الكبيرة يضر بالثروة السمكية، ويؤدي إلى تدهور واستنزاف مخزون البحر المتوسط من أسماك السردين خاصة، مشيراً إلى أن سمك السردين، المرخص ببيعه يجب ألا يقل طوله عن 11 سنتيمترا، أما بخلاف ذلك، فإنه صيد غير قانوني وينافي جميع بروتوكولات الصيد.
ويرى المتحدث بأن الخطر في ذلك أن هذه الأسماك صغيرة جدا، ولم تصل إلى الحد الذي يجيز استهلاكها كغذاء، ولصعوبة تنظيفها واستحالته وبقاء جزء كبير من أمعائها والمخلفات الضارة بالصحة منها في الطعام.

.. وللمستهلك نصيب من المسؤولية!

وانتقد الطاهر بشدة ما يروجه البعض من أن هذه الأسماك لا تكبر، وأن هذا هو الحجم النهائي لها، معتبراً أن هذا اعتقاد خاطئ جدا وغير صحيح، “فهي في الغالب يرقات أو بذور أو المسماة اصطلاحاً ـ زرّيعة ـ سمك السردين، وهي تعيش في مجموعات كبيرة جدا تصل أعداد أسماكها إلى الملايين، ما يسهل على البحارة اصطيادها، هذا بالإضافة إلى أنواع أخرى من الأسماك المهاجرة”، وحمّل المسؤولية عن صيد هذه الأسماك للمستهلكين بالدرجة الأولى، الذين يقبلون على شرائها.
إلى ذلك، شدد ناشطون في قطاع الصيد البحري، على ضرورة الضرب بيد من حديد، على كل من ثبتت صلته بمافيا الصيد الجائر للسردين الصغير مع دعواتهم إلى ضبط المنتجات الصيدية، ومراقبة الأسواق وتحرير مخالفات بحق التجار الذين يقومون ببيع هذا النوع من السمك غير مكتمل النمو، حفاظا على الثروة السمكية ومحاربة المضاربة وقمع الغش.

قد يهمك ايضأً

سلطات الاحتلال تصادر مركبتين وجرارين زراعيين في منطقة الرأس الأحمر

هبوط اسعار المنتجين الزراعيين خلال كانون الثاني في الاردن