المحامي فاروق قسنطيني

أكد الرئيس السابق للجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان في الجزائر،  المحامي فاروق قسنطيني أن تواصل حملة مكافحة الفساد من خلال فتح ملفات جديدة تتعلق بكبار المسؤولين في الدولة، يعكس في مضمونه عزم الإرادة السياسية الحالية. كما اعتبرها من جهة أخرى، رسالة قوية لكل من هم في مناصب المسؤولية الآن، بالحياد والابتعاد عن شبهة الفساد، وهو أمر في غاية الأهمية لأخلقة الحياة العامة، داعيا إلى استعجال مراجعة القانون ساري المفعول الخاص بمكافحة الفساد رقم 01/06؛ كونه بعيدا عن التوجه العام للجرائم الاقتصادية، التي لايزال يُنظر إليها كجنح وليس كجنايات.

وقدّر قسنطيني أن استئناف حملة مكافحة الفساد من خلال اقتياد مسؤولين سابقين في الدولة وفتح تحقيقات في قضايا فساد، مورس في أعلى هرم في السلطة مثلما وقع منذ يومين مع كل من وزيرة البريد وتكنولوجيات الاتصال هدى فرعون، ووزيرة الصناعة السابقة جميلة تمازيرت، وإطارات أخرى بالوزارتين، بسبب صفقات غير قانونية قامتا بها خلال توليهما المسؤولية؛ ”أمر يجب تثمينه عاليا؛ كونه يعكس في عمقه توفر الإرادة السياسية في مواصلة حملة مكافحة الفساد التي كان يربطها  بعض المشككين في وقت سابق بالحملات الانتخابية التي تقوم بها السلطة لتمرير مشاريعها؛ أي للانتخابات الرئاسية الماضية”.

وأضاف المتحدث أن توسيع دائرة التحقيق والمتابعات الخاصة بالمسؤولين في الدولة سابقا بعد انتهاء مهامهم، يعكس في عمقه، التمسك بتوجه صحيح فرضته المعطيات، التي أبانت أن هناك ”سرطانا اسمه الفساد، نخر مفاصل الدولة، وحان الوقت لاجتثاثه واستئصاله”؛ لردّ الاعتبار للدولة وحماية البلاد من المفسدين الذين خرقوا القوانين وداسوا عليها من أجل تحقيق مصالح أطراف معيّنة.

وفي رده على سؤال خاص بحملة مكافحة الفساد التي تتم على المستوى المحلي من خلال توفيق ولاة سابقين وأميار ومنتخبين محليين بكل من مستغانم وسوق اهراس وسعيدة، أكد أن ذلك يعكس الطابع الوطني لحملة مكافحة الفساد، وأنها ليست خاصة بالقمة فقط؛ لأن الفساد كان عموديا وأفقيا، وبالتالي يتوجب معالجته بنفس الصيغة؛ لأن هؤلاء المسؤولين المحليين تورطوا في نهب المال العام، وأغلبهم منحوا صفقات عمومية خارج القانون، كما نهبوا العقار الفلاحي والسياحي، وغير ذلك من الجرائم الاقتصادية الأخرى التي يطول الحديث عنها في هذا المقام.

وفي رده على سؤال خاص بالرسالة التي تحملها حملة مكافحة الفساد إلى المسؤولين الجدد على اختلاف مستوياتهم، قال فاروق قسنطيني إن ”أملاك الدولة تابعة لها وليست موجهة للأشخاص والمسؤولين أو ملكية عائلية يتصرفون فيها مثلما يحلو لهم، بالإضافة إلى أن من يريدون أن يحصلوا على أموال أو فوائد من خلال استغلال المناصب، يتوجب عليهم التفكير في تغيير المهمة، والتوجه نحو نشاطات تجارية مربحة ومدرة للثروة والعمل في إطار القانون”.

وواصل أن الردع مهم جدا في أخلقة الحياة السياسية العامة؛ من أجل رد للاعتبار للعدالة التي كانت مهمشة، وبعث رسالة للمواطنين بأن الجميع سواسية أمام القانون. وذكر قسنطيني أنه كان من بين من انتقدوا قانون مكافحة الفساد؛ إذ يشوبه اختلالات عديدة يجب تصحيحها وفق ما تتطلبه المرحلة الراهنة، حتى تتقدم الجزائر في مجال مكافحة الفساد وإقرار الشفافية.