المجلس الدستوري

لا تزال تداعيات قضية الدفع بعدم دستورية المادة 24 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المعروض على المجلس الدستوري محل جدل وسط أصحاب الجبة السوداء، فبعد بيانات الاستنكار التي حررتها المنظمات الجهوية ورئيس الاتحاد الوطني للمحامين، جاء رد الوزير الأول عبد العزيز جراد الذي أكد بأن حرية مهنة المحاماة وحماية الدفاع لا يمكن أن تشكل بأي شكل كان سببا لانتهاك حقوق الأشخاص المكفولة دستوريا، وقبله ملاحظات رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل الذي أورد فيها بأن المادة 24 لا تتعارض مع التوجه العام للبلاد نحو ترسيخ دولة الحق والقانون، فيما قرر مجلس اتحاد منظمات المحامين عقد اجتماع طارئ يوم 18 ماي الجاري لاتخاذ موقف بشأن القضية المعروضة أمام المجلس الدستوري.

فبعد الجدل الذي أحدثته قضية الدفع بعدم دستورية المادة 24 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، والتي كانت خلفيتها نزاعا بين زوجين أفضى إلى استعمال ختم محام ونقيب سابق لتسجيل وإثارة مسألة الدفع بعدم الدستورية، والتي تم الفصل فيها من قبل المحكمة العليا بتاريخ 28 مارس 2021 دون تبليغ الأطراف، ومع طعن النيابة العامة على مستوى المحكمة العليا تم تحويل القضية للمجلس الدستوري، حيث تأسس مجلس الاتحاد كطرف للدفاع عن المهنة، معتبرا بأن ما حدث هو مساس بمهنة الدفاع وأصدر بيانا لشرح حيثيات ووقائع القضية.

وفي السياق، راسل الوزير الأول عبد العزيز جراد رئيس المجلس الدستوري في مراسلة تحمل رقم 215 -تحوز الشروق نسخة منها- وذكر بأن دراسة ملف الدفع الخاص بعدم الدستورية تمت إثارته على أساس خرق المادة 24 لمبادئ المساواة أمام القانون وحماية الحياة الخاصة وشرف الأشخاص، ونظرا لكونها جعلت من صفة المحامي مطية تبيح لحاملها ارتكاب أفعال مجرمة قانونا وماسة بشرف الأشخاص، حيث تقرّ بعدم جواز متابعة محام بسبب أفعاله وتصريحاته ومحرراته في إطار المناقشة أو المرافعة في الجلسة، وشرح جراد بأن مبدأ المساواة أمام القانون مكرس بموجب المادة 37 من الدستور، ونوه بأن المادة 24 من القانون المنظم لمهنة المحاماة في فقرتها الأخير قد أقرت قاعدة عامة الغاية الأساسية منها هي حماية حقوق المتقاضين وحق الدفاع بالدرجة الأولى.

وأكد الوزير الأول على أن حرية المحامي عند ممارسته مهنته ليست مطلقة بل مقيدة بأن تكون في إطار القانون، وأن هذه الحرية لا يمكن أن تشكل بأي شكل كان سببا لانتهاك حقوق الأشخاص المكفولة دستوريا، بل بالعكس ومن باب أولى يجب أن تصب في إطار حمايتها وصونها ومراعاتها لأحكام القانون، وفي السياق، اعتبر بأن منح المحامي الحصانة المطلقة أو إبقاء المادة بشكلها الحالي من دون جعل الأفعال والتصريحات المعبر عنها خلال المرافعة مرتبط بحدود القانون وأخلاقيات المهنة، ليؤكد على أن للمجلس الدستوري كافة الصلاحيات للنظر في القضية والفصل في مدى مطابقة المادة 24 للدستور.

ومن جهته، أكد رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل في مراسلته لرئيس المجلس الدستوري على أن المادة 24 من القانون رقم 13-07 المتضمن تنظيم مهنة المحاماة لا تخالف في صياغتها الحالية أحكام المواد 37-47 من الدستور كما تتطابق في مضمونها مع الأحكام الواردة في المادة 176 من الدستور، ولا تتعارض مع التوجه العام للبلاد نحو ترسيخ دولة الحق والقانون، ولفت إلى أن نص المادة 24 ينظم مسألة الحصانة بمفهومها الشامل لصالح المحامي للدفاع عن حقوق موكله، وهي الإطار الذي يسمح للمحامي بممارسة مهنته بحرية داخل الجلسة وخارجها.

قد يهمك ايضاً

إطلاق مسابقة أحسن أطروحة حول آلية الدفع بعدم دستورية القوانين

كمال فنيش يؤكد أن الجزائر انخرطت بالفعل منذ عدة سنوات في مسار الرقمنة