البرلمان الجزائري

قررت الحكومة الجزائرية إعادة النظر في الدعم الذي تخضع له بعض المواد الأساسية كالماء والوقود والكهرباء, وسبق وأن شهدت هذه المواد في قانون الموازنة لعام 2016 و2017، ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار قوبل بالرفض ودفع بالمواطنين في بعض المحافظات، لا سيما التي تقع جنوب البلاد إلى الاحتجاج في الشارع للمطالبة بإعادة النظر في الأسعار كونهم فقدوا جزءً كبيرًا من قدراتهم الشرائية، منذ إعلان الحكومة عن انتهاج سياسية التقشف بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي طرقت أبوابها نهاية عام 2013، جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وكشف مصدر حكومي مسوؤل في تصريحات لـ "العرب اليوم"، أن رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي، أمر بتشكيل لجان وزارية تضم ممثلين عن وزارة الطاقة والموارد المائية والمال وممثلين عن الشركة الوطنية للكهرباء والغاز الجزائرية وشركة المياه والتطهير  لإعادة النظر في الدعم الموجه للكهرباء والوقود والماء بطريقة تدريجية.
 
وأظهرت حكومة أويحي، التي لم يمض على تعيينها سوى شهر تقريبًا, نيتها في إعادة النظر في سياسية الدعم الموجه للطاقة, وتجلى ذلك في تصريحات ممثلي الحكومة كوزير الطاقة الجزائري وأيضًا رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي، الذي لطالما رافع من أجل إعادة النظر في سياسة الدعم وتطبيق الدعم الموجه بدل ذلك الذي يستفيد منه الجميع.
 
وأوضح وزير الطاقة الجزائري, مصطفى قيتوني, أخيرًا عن رغبة الحكومة الجزائرية في إعادة النظر في تقييم واحتساب فواتير استهلاك الكهرباء، في شكل يمثل مراجعة جزئية لتسعيرة الطاقة، وعلّل هذا التوجه بالخسائر الكبيرة التي تتحملها الحزينة العمومية جراء دعم الأسعار.
 
وقال أويحي إن الخزينة العمومية تكبدت خسائر كبيرة, حيث تتكفل بدفع فارق السعر في إطار دعم أسعار الطاقة، واعتبر هذه الوضعية غير منطقية مستدلًا بالوضعية في الدول المجاورة، حيث يقدر سعر الكيلواطساعي في تونس 14 دينار، وفي المغرب بـ15 درهم، ما يجعل أسعار الطاقة في الجزائر الأقل على الإطلاق.
 
ووفقًا للوزير الجزائري, فسيتم إعادة النظر في هذه القضية والعمل بمبدأ " من يستهلك أكثر يدفع أكثر " لتخفيف العجز عن الخزينة العمومية وأيضًا محاربة التبذير وتفادي الإسراف، ويعارض أويحي الذي يعتبر من أبرز رموز السلطة في البلاد منذ التسعينات, وقاد الحكومة الجزائرية أربع مرات متتالية سياسية الدعم الاجتماعي, فسياسيته وتفكيره البراغماتي جعله يعارض السياسية  "الشعبوية"، التي انتهجتها حكومات عبدالمالك سلال المتعاقبة, وأعلن في العديد من الخرجات الإعلامية صراحة عن معارضته لسياسية الدعم الاجتماعي وللرفع المطرد لسلم الأجور لمختلف الفئات الشغيلة، وصعد من حدة مطالبه بعد تآكل مداخيل صندوق الاحتياط حيث نزل المؤشر من 200 مليار دولار إلى نحو 150 مليار دولار في ظرف ستة أشهر, وحذر  الحكومة السابقة من الاستمرار في السياسية التي انتهجت لمواجهة الصدمة النفطية.
 
وتتطابق وجهة نظر رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحي, مع مواقف صندوق النقد الدولي الذي طالب شهر مارس / آذار الماضي, الجزائر إلى اتخاذ مزيد من إجراءات رفع الدعم عن الطاقة، والاجتهاد أكثر لجلب أموال السوق الموازية إلى البنوك والقنوات السمية وتوسيع الوعاء الضريبي وترشيد أكبر للإعفاءات الجبائية المقدمة.
 
وأكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر، جون فرانسوا دوفان، في مؤتمر صحافي, أن الدعم الموجع لقطاع الطاقة "الوقود والكهرباء" يجب أن يتم إلغاؤه بصفة تدريجية, وقال إن قد تبين أن الفقراء في الجزائر الذين يمثلون 20 بالمائة من عدد السكان العام، يستهلكون الطاقة المدعمة 6 مرات أقل من 20 بالمائة من الأغنياء من السكان، وبالتالي حسب مسؤول الـ"أف.أم.إي"، فالدعم الموجه للطاقة يستفيد منه الأغنياء أكثر من الفقراء, ويرى أن الدغم لقطاع الطاقة يجب أن يتم توجيهه مباشرة إلى الفئات السكانية الأكثر احتياجًا.