مجلس الأمة الجزائري

يترقب مجلس الأمة طلب الوزير الأول تمديد الدورة البرلمانية الحالية المفترض وجوبا اختتامها الأربعاء المقبل، وذلك حتى يتسنى تنصيب أعضاء المجلس الشعبي الوطني الجديد، وسط غموض كبير يلف الشخصية المرشحة لقيادة عمل النزلاء الجدد بالغرفة السفلى للبرلمان، لأول مرة في تاريخ العهدات التشريعية.

علمت “الشروق” من مصادر برلمانية أن رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل ينتظر طلب الوزير الأول عبد العزيز جراد المكلف بتصريف أعمال الحكومة في أعقاب تقديم استقالة حكومته الخميس الماضي، تقديم طلب إلى رئيس الغرفة العليا، لتمديد الدورة البرلمانية الحالية لوجوب انقضائها دستوريا في آخر يوم عمل من شهر جوان أي يوم الأربعاء القادم.

وأوضحت مصادر الشروق استحالة تنصيب أعضاء المجلس الشعبي الوطني في ظل انصراف أعضاء مجلس الأمة على العطلة، ورجحت مصادرنا أن يتم تنصيب الغرفة السفلى وانتخاب رئيسها بعد احتفالات ذكرى الاستقلال أي في حدود الـ8 جويلية مثل ما تشير اليه المادة الدستورية والتي تجعل من هذا اليوم بداية العهدة التشريعية والتي ستنقضي وجوبا كذلك في 8 جويلية 2026.
وأشارت مصادرنا إلى أن فتح رئيس الجمهورية لورشة المشاورات بخصوص تشكيل الحكومة يعد أحد المؤثرات التي تدخل في السياق العام لتنصيب أعضاء المجلس الشعبي الجديد وإمكانية استهلاك المدة القانونية التي يحددها الدستور، وتشير المصادر إالى أن النواب سينصرفون إلى العطلة فور تنصيبهم والفراغ من عملية انتخاب رئيس المجلس، الذي يصعب التنبؤ بالأسماء المرشحة لافتكاك هذا المنصب، وذلك لعدة عوامل أهمها أن النواب أصحاب عهدة سابقة قلة نادرة في التشكيل الجديد، وهو الأمر الذي يصعب الاختيار، ذلك لأن تسيير شؤون الغرفة السفلى تستدعي تجربة سياسية عالية وتمرسا في إقرار التوازنات، خاصة في ظل الفسيفساء التي أفرزتها انتخابات الـ12 جوان، والتي مكنت الأحرار من رتبة الوصيف بـ84 مقعدا.

مؤشر غياب سيناريوهات مسبقة لانتخاب رئيس المجلس الشعبي تدرجه العديد من الأطراف في سياق الضمانات الإضافية التي يقدمها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للجزائريين، كما يترجم هذا المؤشر النية في إرساء أسس سليمة لبناء ديمقراطية حقيقية، ووصول إلى جزائر جديدة بعد أن أظهرت نتائج التشريعيات أن ضمانات الرئيس جعلت الكلمة للناحبين والأفضلية للصندوق، في وقت يثير الغموض الذي يكتنف أسماء المرشحين لقيادة النواب الاستفهام عن موقع ووزن عامل التوازنات الجهوية الذي كان دوما العامل الحاسم في اختيار رئيس المجلس الشعبي الوطني، وبعد أن رجح الكفة لعدة عهدات لصالح منطقة القبائل، مالت في آخر تجديد للرئاسة في الدورة التشريعية السابقة التي عرفت ثلاثة تغيرات لصالح الجنوب بانتخاب سليمان شنين رئيسا.

وبالعودة إلى الجانب القانوني وبعيدا عن الغموض الذي يكتنف الاسم المرشح للإقامة بالطابق الخامس لمبنى زيغود يوسف، يحدد الدستور الجزائري افتتاح الفترة التشريعية للمجلس الشعبي الوطني الجديد “وجوبا” في اليوم الـ15 الذي يلي إعلان المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري حاليا) نتائج الانتخابات التشريعية وهو ما تم الأربعاء الأخير.

فطبقا للمادة 133 من دستور 2020، “تبتدئ الفترة التشريعية، وجوبا، في اليوم الخامس عشر الذي يلي تاريخ إعلان المحكمة الدستورية النتائج، تحت رئاسة أكبر النواب سنا وبمساعدة أصغر نائبين منهم”.

كما “ينتخب المجلس الشعبي الوطني مكتبه ويشكل لجانه”، حسب نفس المادة، فيما تشير المادة 134 إلى أن “رئيس المجلس الشعبي الوطني ينتخب للفترة التشريعية .”وكان المجلس الدستوري قد أعلن، الأربعاء، عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي كانت قد جرت في الـ 12 جوان الجاري، مكرسا فوز حزب “جبهة التحرير الوطني” بأغلبية عددية بحصوله على 98 مقعدا، متبوعا بالأحرار الذين افتكت قوائمهم 84 مقعدا، يليها “حركة مجتمع السلم” التي حازت 65 مقعدا، ثم “التجمع الوطني الديمقراطي” بـ 58 مقعدا. كما تحصلت “جبهة المستقبل” بدورها على 48 مقعدا، فيما كان رصيد “حركة البناء الوطني” 39 مقعدا.

ومعلوم أن السلطة التشريعية يمارسها برلمان يتكون من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، اللذان لهما السيادة في إعداد القوانين والتصويت عليها، ومن بين أهم صلاحيات البرلمان، مراقبة عمل الحكومة، فيما ينفرد المجلس الشعبي الوطني بإمكانية التصويت على ملتمس الرقابة الذي ينصب على مسؤولية الحكومة، لدى مناقشته بيان السياسة العامة أو على إثر استجواب، وهو الملتمس الذي “لا يقبل إلا بتوقيع سبع (7/1) عدد النواب على الأقل.
كما تتم الموافقة على ملتمس الرقابة بتصويت أغلبية ثلثي النواب، ولا يتم التصويت إلا بعد 3 أيام من تاريخ ايداعه.

وفي حال مصادقة المجلس الشعبي الوطني عليه، يقدم الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، استقالة الحكومة إلى رئيس الجمهورية.

وفي سياق ذي صلة، منح الدستور المعارضة البرلمانية جملة من الحقوق التي تمكنها من المشاركة الفعلية في الأشغال البرلمانية وفي الحياة السياسية، لاسيما منها حرية الرأي و التعبير والاجتماع والاستفادة من الإعانات المالية، بحسب التمثيل في البرلمان وكذا المشاركة الفعلية في الأعمال التشريعية ومراقبة نشاط الحكومة.

كما تمتلك المعارضة أيضا تمثيلا يضمن لها المشاركة الفعلية في أجهزة غرفتي البرلمان، لاسيما رئاسة اللجان بالتداول، فضلا عن إخطار المحكمة الدستورية .ويمارس النائب بالمجلس الشعبي الوطني عهدة وطنية تمتد لخمس سنوات، ولا يمكنه الجمع بينها وبين عهدات أو وظائف أخرى.
ويجتمع البرلمان – كما تنص عليه المادة 138 من الدستور – في دورة عادية واحدة كل سنة، مدتها 10 أشهر، وتبتدئ في ثاني يوم عمل من شهر سبتمبر، وتنتهي في آخر يوم عمل من شهر جوان.

غير أنه بإمكان الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، طلب تمديد الدورة العادية لأيام معدودة بغرض الانتهاء من دراسة نقطة في جدول الأعمال. كما يمكن للبرلمان أيضا أن يجتمع بناء على استدعاء من رئيس الجمهورية وبطلب من الوزير الأول (أو رئيس الحكومة) أو بطلب من ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني.

وتختتم الدورة غير العادية بمجرد ما يستنفذ البرلمان جدول الأعمال الذي استدعي من أجله، حسبما يشير إليه القانون الأسمى للبلاد، وهو ما سيتم اعتماده في ضرورة تنصيب المجلس الشعبي وانتخاب رئيسه.

قد يهمك ايضاً

مجلس الأمة الجزائري يرد على إثارة ملف حقوق الانسان في الجزائر داخل مجلس الشيوخ الفرنسي

إنتخاب الجزائر لرئاسة المجموعة الجيوسياسية لشمال إفريقيا بالبرلمان الأفريقي